تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ (8) المنافقون} الأعز يقصد بها نفسه والأذل يقصد بها الرسول صلى الله عليه وسلم والمهاجرين ويرى أنه هو صاحب البلد وأن النبي صلى الله عليه وسلم والمهاجرين هم الوافدون. {قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا} الإشارة هنا في قعدوا فيه مه أنه سبق التأكيد على انخذال هذا الجزء من الجيش فيه نوع من التأكيد أنهم أهل قعود {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ (46) التوبة} القعود عن الجهاد صفة ذم في هذه المواطن. فهذا تصوير لحالهم (َالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا) القول والقعود وهذه قاعدة في العطف لو قيل قالوا وقعدوا أو قعدوا وقالوا هي متساوية ومتلازمة فهم حال قعودهم قالوا. وحال قولهم قعدوا.

تلاحظون أن المنافقين كأنهم يريدون أن يضخموا الخسائر ويقللون النصر في أعين المسلمين لكي يبرروا قعودهم وإنخذالهم ولذلك بيّن الله بعد هذه الآيات التالية أن من استشهدوا ما قتلوا وإنما انتقلوا للحياة الحقيقية فكأنه يريد للمؤمنين الصادقين أن ينتشلهم بعد الجراح من مشكلة المنافقين وهذه الأراجيف التي دائما تشيع بعد الإنتصارات. ثبت المؤمنون في فلسطين فأخذ المرجفون والمحللون يسحبون كل صور الإنتصار ويحولونها إلى هزيمة. كيف انتصرتم وقد قتل منكم كثير؟. كيف تقولون أنكم انتصرتم وفيكم جرحى؟!. والعجيب عندما ننظر إلى أهل الأرض لم نجد في القنوات واحدا قد تجهم أو غضب مما حصل.

فضل الشهادة

إن فلسفة الإنتصار الحقيقي للمعركة {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والصحابة أنه كان يغيب عنهم هذا المعنى الرائع في الشهيد وخاصة من استشهد في المعركة حمزة كان قتلته شنيعة. رماه وحشي بالحربة فوقعت في خاصرته وخرجت من ظهره. يقول وحشي رأيت حمزة في أثناء المعركة وهو يهدّ الناس هداً بسيفه مثل الليل فاختفيت وراء شجرة حتى تمكنت منه فرميته رمي الحبشة (خبراء في رمي الحراب) فإتجه إليّ ارادني قال فإبتعدت عنه حتى سقط. فتركته ثم نزعت رمحي فجاءت هند بنت عتبة رضي الله عنها وهي على الشرك فبقرت بطنه وأخرجت كبده ولاكتها وألقتها. كيف كان شكل حمزة في هذا الحال؟! ولما وقف عليه صلى الله عليه وسلم وكان في غاية التأثر قال (لن أُصاب بمثلك) تخيل موقفه صلى الله عليه وسلم وهو ينظر إلى عمه ثم يقول الله سبحانه وتعالى {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} هذا من الإيناس العجيب جدا. وهذا فيه ازدواج فهو من جهة ردٌ على المنافقين الذين هونوا من شأن الإنتصار. وفي قراءة ابن عامر (قُتِّلوا) مبالغة سبحان الله أي ما أكثر من قُتل منهم. وهذا يدل على أنهم بالفعل كانوا يشيعون روح الهزيمة. فهذه الآية رد على هؤلاء أن كنتم تحسبون أنهم قتلوا فهم لم يقتلوا بل في حياة أنتم لا تعلمونها ثم هي إيناس للرسول صلى الله عليه وسلم أن هؤلاء انتقلوا إلى حياة أخرى. وفيه تحضيض أولا نفى عنهم القتل {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} أحياء عند ربهم هذه العندية لها معنى ثم قال فرحين. أنتم مكلومين وهم فرحين {بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} هم فرحين بما آتاهم الله من فضله (ويستبشرون) حتى كأنه يحسّر الصحابة على أنهم ما استشهدوا أيضا وما كسبوا هذا المكسب العظيم. وهذا ديدن الصحابة كانوا يعبرون من قُتل في المعركة له مزيّة. كما قال عبد الرحمن بن عوف لما قُتل مصعب قال قُتل مصعب وهو خيرٌ مني.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير