تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

كبيرها وصغيرها. وترك المعصية حتى للقائد ومن ولاه الله عز وجل أمرنا فإن طاعته فيما ولاه الله إياه واجبة علينا ما لم تكن معصية ومخالفته ولو كنا نرى أنها أحسن أو أخير فإن فيها إخلال بنظام المؤمنين في تعاملهم مع إدارة الحرب. الرسول صلى الله عليه وسلم لما شاور أصحابه وقد أمره الله بالشورة وامتثلها لم يخالف الشورى وحاول أن تنسجم الأمور. والصحابة أيضاً كان يجب عليهم أن يلتزموا أمر الرسول ولا يعصوه فلما عصوه أراهم الله ثمرة هذه المعصية وكيف عجل الله لهم العقوبة {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152) آل عمران}.

وأيضاً من أسباب التمكين الدعاء {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) آل عمران} وفي سورة البقرة {وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (250) فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ} أي جاء النصر بعد الدعاء مباشرة. أيضاً من الأسباب الشورى. إذا كان الرعية والجنود يعامَلون كالقُطعان على أنهم أدوات أو آلات فلا شك أن تفقد معنويات الجنود وإخلاصهم لقائدهم وللمبدأ الذي يعيشون له. ولذلك جاء الأمر "شاورهم". أنت يا خير البشرية صلى الله عليك وسلم أكمل عقلاً وخير الثقلين لماذا يستشير من دونك؟ ولو كان أحد يستغني عن الشورى فهو أنت؟. يمدحهم الله تعالى أن (وأمرهم شورة بينهم) معنى ذلك أن الشورى من أسباب قوة الجيش وولائهم لقيادته ولمبدئه ثم كل جندي يشعر أنه مسؤول عن النصر والهزيمة. ولو ما شاورهم يقولون نحن لم نرد الحرب ولم نكن راضين. ومن أسباب التمكن أيضاً لما ذكر الله عز وجل "لا تهنوا" عدم السماح للوهن أن يدخل إلى القلوب والوهن هو الضعف ودخول الأسباب التي تجعل القلب ليس فيه عزيمة (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (139)) أي لا يجوز أن تسمحوا للوهن أن يدخل للقلوب. وقد يقول شخص أن الوهن يتسلل وهذا حق والشيطان لنا يقف بالمرصاد ولكن يجب علينا أن نضع العلماء في وسط الجيوش والمربيين والدعاة إلى الله عز وجل يتلوون عليهم القرآن يذكرهم بحقيقة هذه الحرب التي بيننا وبين أعدائنا، كلمات بعد الصلوات وقيام الليل تبعد هذا الوهن ونذكرهم بحياة الشهداء {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) آل عمران} إذا كنت خائفاً من القتل فإذا قتلت ستلقى خيراً مما لو تُركت. ومن أسباب التمكين مسارعة الإستجابة لله وللرسول {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) آل عمران} أي لا يكفي أن تطيع فقط بل تسارع. وفي تعقيبه تعالى على الشهداء {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) آل عمران} كانت صفة الإستجابة لله والرسول هي الصفة التي أهّلتهم لهذه العاقبة العظيمة وليس المقصود الإستجابة في موطن الحرب فقط بل الإستجابة لله المطلقة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير