تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

{وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} هذه قاعدة قرآنية {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30) الكهف} فلينظر المسلم في هذه الفاصلة التي ختمت بها الآية. لم يضيع الله أجر الشهداء وأثابهم الثواب الكبير بل زادهم {يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171) آل عمران} وهذا من حسن ظنهم بربهم ولهذا وصفهم بأنه استجابوا لله ورسوله. الله لا يضيع أجر المؤمنين الذين قتلوا ولا يضيع أجر المؤمنين الموجودين الآن الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما اصابهم القرح.

سرعة الإستجابة لله ورسوله

الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172)

القرح المقصود {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ} (من 140 آل عمران) ما أصاب المؤمنين من الجراح في معركة أحد والإنكسار. وهذه الآيات لها مناسبة تتعلق بحمراء الأسد. كان القتال في أحد في النصف من شوال قي السنة الثالثة وكان يوم سبت. وحصل الإنكسار وحصل ما حصل لرسول الله وأصحابه ثم رجعوا إلى المدينة وتسامع أصحاب النبي بأن أبا سفيان وقريش ينوون الرجوع إلى المدينة. والحقيقة أن المشركين لما أصابهم ذهول الإنتصار وأرادوا أن يحافظوا على هذه الغلبة فرجعوا فقال هؤلاء انكسروا فلماذا لا ترجعون إليهم؟. جاءت هذه الشبهة ولما سمع صلى الله عليه وسلم أراد ألا يطمع أهل مكة وقريش في المدينة وفي المسلمين فأمر من قاتلوا بالأمس أن يخرجوا ويلحقوا بعدوهم. وهذا فكرة غاية في الدلالة على أنه صلى الله عليه وسلم قد أوتي مجامع الحكمة والقيادة من أعلى جوانبها فأمر الصحابة الذين شهدوا أُحداً فقط أن يخرجوا ولم يأذن لأحد من من لم يشهد أُحد أن يخرج إلا جابر بن عبدالله رضي الله عنه. كانوا منشغلين بالجراح وكان بعضهم يحمل بعضهم على ظهورهم. ولكن انظر للإستجابة التامة لله ورسوله. هذا لا يطيقه الإنسان إلا إذا إمتلأ قلبه إيماناً ومحبة الله ورسوله وصدقا ويقينا وهذا ما حدث بالفعل. خرجوا حتى وصلوا حمراء الأسد. وتقع حمراء الأسد على طريق المدينة مكة فإذا خرجت من الحذيفة ترى الجبل على يمينك قائم سطحه أو رأسه مستوى وطرفاه من الغرب إلى الشرق. هذا هو جبل حمراء الأسد. ووصلوا إلى هناك وخيّم به الرسول صلى الله عليه وسلم حتى سمع بهم أبو سفيان فعرف أن ما أصابهم بالأمس هي عثرة أو كبوة جواد وليست هي انكساراً تاماً أو هزيمة، هي مصيبة ولكنها لم تكن القاضية {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) آل عمران} وسمع أبو سفيان بما حصل فهرب ولذلك سميت حمراء الأسد وجاءت الآيات لتثني على من خرج مع الرسول صلى الله عليه وسلم واستجابوا له بعد ما أصابهم الأذى الكبير. يكفيهم أن 70 من الصحابة يقتلون وهذه تحتاج لأسبوعين حتى الواحد يشفى نفسيا ويتخلص من آلآمه ويصلح حياته. قتل حمزة عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أيضا صلى الله عليه وسلم كان مجروحا. هم خرجوا جميعاً استجابة له ولم يعترضوا. أراد أن يتم الأمر لهؤلاء وحتى يظهر لأولئك أنهم وإن أصيبوا في الأمس فهم قادرون أن يحققوا مرادهم ويصلوا إلى عدوهم. الله يكلف عباده المؤمنون ليرفع درجاتهم. هم في هذا الموقف في أمس الحاجة للراحة بعد المعركة والله قادر أن يكسر شوكة قريش من دونهم ولكن الله أراد أن يرفع درجاتهم فأراد أن يحملهم على ذلك حملا. وكان رسول الله قد جرح وشج رأسه وكسرت رباعيته وعندما أراد أن يصعد فوق إحدى الصخور في جبل أحد ما إستطاع مع أنها كانت قريبة حتى صعد على ظهر أحد الصحابة. وبالرغم من ذلك يؤمر بالخروج في اليوم التالي، فيها مشقة ولكن الله أرادها لهم لكي يرفع لهم الدرجات ويكونوا قدوة لنا. مثلاً في مشقة الحج والجهاد أنس بن النضر قيل أنه ضرب أكثر من ثمانين مرة تشوه تماماً حتى لم يُعرف من الضرب والتشويه، فالدرجات العلا من الجنة لا تنال إلا بالتعب والجهاد. نحن ندعو أن يكون القارئ متبصرا بالآيات أن يقرأ غزوة أحد أولا ثم يقرأ الآيات

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير