تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فستجد من نفسك تفهم من المعاني واللطائف والأسرار الكثير ما لا تفهمه لو كنت تقرأ مباشرة.، الآيات تسلط الضوء على لقطات من المعركة وليست المعركة كلها.

الثبات على الحق

{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173)} العلماء يقولون أن"الناسُ" هي العامة المراد به الخصوص. والمقصود أن أبا سفيان كان يريد أن يثبط المسلمين فأرسل من يقول أن أبا سفيان يجمع جنوده ليعود إليكم فسمي هنا "الناسُ" فهذه عام مراد به الخصوص. أما الناسَ" المقصود بها أبو سفيان ومن معه. وهو العام مراد به الخصوص. و العام على ثلاثة أنواع كما ذكر العلماء: عام غير مخصوص مثل {وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (40) الأحزاب} فهذا لا يمكن أن يخص. والثاني عام مخصوص وهو كثير في القرآن {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} من 11 النساء لا يراد به كل الأولاد فإن ولد القاتل والكافر لا يدخل فيها. الثالث هو العام الذي أريد به الخصوص وهو الذي ذكرناه هنا. وهو يكون لفظه لفظ العموم ولكن المتحدث يريد شخصا معينا. والعام في موضع يخصص في موضع آخر. وأنواع التخصيص متعددة. والعام المراد به الخصوص من لطائف علوم القرآن، قد يقال كيف نعرفه؟ فنقول انظر إلى هذا اللفظ هل يمكن تعميمه تعميماً مطلقاً على كل من يراد به؟ هذا إشارة إلى أنه مخصوص (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ) هنا هل كل الناس قالوا هذا الكلام؟ لا. إذن هو مخصص. ومثال ذلك أنه يكثر بين المعنيين بالإعجاز العلمي قوله سبحانه وتعالى {سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53) فصلت}.هذه الآية من العام المخصوص وليست من العام الباقي على عمومه. القائل يرى أن "سنريهم" عام في جميع الكفار. وأنا أرى أنها خاصة بأهل مكة فقط. ما هو دليل التخصيص؟ هذه الآية يجب أن تنطبق على كل كافر منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم وحتى الآن لكن هل كل كافر تحقق فيه الآية؟ جماعات كبيرة من الكفار تحققت فيهم الآية ولكن أهل مكة نعم. ولذلك تنبه ابن عاشور إلى لازم الخبر قال {سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53) فصلت} فيؤمنوا. وهذا وقع لكفار مكة وهذا دليل على أن هذه الآية ليست من العام المطلق بل العام الذى يراد به الخصوص مثل {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} فالآية خاصة باهل مكة ولو عممتها يجب أن تثبت أن الله قد أوقع معنى هذه الآية عند الكفار منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم للآن. اليوم في أهل الكفر هل وقع فيهم هذا؟ لا العلماء منهم فقط من آمن واهتدى إذا اقتنع أن ما عندنا حق. محمل هذه الآية على العموم المطلق سببه عدم فهم علوم القرآن، موضوع العموم طويل وهو من أكبر أنواع علوم القرآن والتي هي من صلب علوم القرآن هو علم العموم والخصوص.

في قوله عز وجل {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} فضلا عن الذي ذكرتموه ألا ترون أنه يقول للمؤمنين في كل زمان ومكان لو اجتمع الناس كلهم على أن يقولوا لكم شيئاً يخالف ما أمركم الله سبحانه وتعالى به فاعتصموا بالله وإياكم أن تنخذلوا من قبل مقالتهم. في زماننا هذا انظروا كيف أن الإعلام استحوذت عليه فئات من اليهود وصارت تتحكم فيه تسخره لخدمة أغراضهم وللصد عن سبيل الله ولكي يكون في خدمة مصالح الكفار من اليهود والنصارى وغيرهم. ونحن قضايانا التي هي ذات حق واضح لا نستطيع أن نتواصل مع العالم بسبب أننا لا نملك الوسيلة الإعلاوية التي توصلها. ألا ترون أن عبر عن ذلك ليبقى المعنى يا أيها المؤمنون إذا قيل لكم أن الناس جميعا قد جمعوا لكم فلا تخشوهم واخشوني. يجب أن يكون عندكم من الثبات والصبر والتحمل واليقين بالله سبحانه وتعالى وبوعده وأنه لا يخلف الميعاد، إن كل قوى الكفر لو إجتمعت على أن تقاتل يجب أن يكون عندكم القوة والعزم والمدافعة والقيام

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير