تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

المجاهدين من الوهن والخوف من الأعداء وهذا من تخويف الشيطان ولذلك قال تعالى {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ} يُظهر أنهم أقوى منكم وهذه التتمة (فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ) تؤيد هذا المعنى. الواحدي في (البسيط في التفسير) وقف عند هذه الآية وأشار إلى قضية مهمة وهي أنك لا تفهم كلام السلف إلا إذا فهمت الإعراب فجمع بين الإعراب وبين كلام السلف في الآية ثم حلل تفسير السلفي في بعض المواطن. كان الإعراب بالنسبة لهم سجية. لما نقول {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ} قال السياق يخدم القول الثاني أي أنه يخوفكم بأولياؤه فلا تخافوهم. ولكن المعنى الأول أن الشيطان يخوّف أولياءه الذين اتبعوه هل هي بمعزل عن لا تخافوهم؟. إذا تأملت {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (76) النساء} يعني يزرع في نفوسهم الخوف فيتبعونه فلا تخافوهم لأن كيد الشيطان كان ضعيفاً , فكأن قوله (فَلَا تَخَافُوهُمْ) فيها المعنى اللازم إذا كان الشيطان يخوف أولياؤه فهم ضعفاء لأن مُخَوِّفهم ضعيف {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (76) النساء} فهذا يعتبر براعة ممن نبه على هذا المعنى وقد يقول قائل ما علاقة تخويف الشيطان بأوليائه؟ بينما يقول (فَلَا تَخَافُوهُمْ) نقول هذا هو الرابط.

ومصداق هذه الآيه نجده في الذين يخوفون الناس بالسحرة والكهان مثلا هؤلاء ضعفاء وهم أوسخ الناس يعيشون في الأماكن الرديئة لو كانوا يستحقون أن يُخافوا لعاشوا عيشة الملوك. بل إنهم بحاجة للملوك أكثر من حاجة الملوك لهم، ماذا قال السحرة لفرعون؟ {وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (113) الأعراف} لو كانت صناعتهم تنفعهم لما احتاجوا أن يقولوا ذلك.

وبعد أن حذر تعالى من الشيطان الذي يخوف أولياءه أنه أشار أيضا أن الكافرين كيدهم أيضاً في ضلال أيضا. الشيطان أصلا ولي للكافرين وأخذ على نفسه عهدا أن سوف يتفرغ لعداوة المؤمنين. فقال الله سبحانه وتعالى (فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) ولاحظ كيف قال (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) يعني شرط للتغلب على الشيطان وعلى أولياؤه أن تكون مؤمناً فكلما زاد إيمانك قل خوفك من الشيطان. المؤمن إذا إطمأن قلبه بالإيمان والصدق فإنه لا يخاف الشيطان وأولياؤه ولا يخاف من السحرة وغيرهم.

سنة الإملاء

وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (176) إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (177) وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (178)

في السورة هذه تكرار لكلمة "يسارعوا" {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) آل عمران} المسارعة إلى المغفرة أما هنا فالمسارعة إلى الكفر. النبي صلى الله عليه وسلم كان من شفقته على أمته أنه يحزن لما يرى هؤلاء على كفرهم ولذلك قال تعالى في سورة الشعراء والكهف (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (6)) لا تقتل نفسك من الأسى والحزن للذين لم يستجيبوا لك. وأنت بلّغت وأدّيت ما عليك ولكنه هو الرحمة المهداة صلى الله عليه وسلم. {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (6) الكهف} {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (3)} الشعراء).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير