تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قال (وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ). لماذا يارب؟ {إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} يذكر لك العِلّة حتى تعرف الحكمة في إمهال هؤلاء وقد قال من قبل {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}. يسارعوا إلى الكفر. ولكن يريد الله ألا يجعل لهم أيّ حظ في الآخرة أيّ حظ وأي نصيب من الخير {يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآَخِرَةِ} ولذلك هؤلاء يحشرون في الدرك الأسفل من النار. ثم قال عذاب عظيم ثم وصفهم أيضاً وقال أنه من شدة المسارعة إلى الكفر يذهبون للكفر كأنهم اشتروه {إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ} مقابل الإيمان الذي هو الرحمة والصدق وتكون به الطمأنينة الدنيوية والأخروية ومع ذلك يؤثرون الكفر فيشترونه كيف؟ طبعاً لا يوجد شراء للكفر ولكن لشدة حرصهم عليه شُبِّهوا بأنهم يشترون. وردّ عليهم {لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} وقال من قبل {وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} التكرار في الأول عذاب عظيم. لازم الخبر هو نفسه {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} إذا كانوا لا يضرون الله فهم لن يضروا أولياءه من باب أولى. ثم قال هؤلاء الكفار لماذا لم يعجل لهم العقوبة؟ قال {أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا} أي نمهلهم ليزدادوا إثماً ولهم عذاب أليم وهذا من كمال عدل الله لا يأخذ الظالم إلا بعد أن يوغل في الإثم والظلم فإذا أخذه أخذ عزيز مقتدر. فيأخذه أخذة لا يفلت منها. نجد هنا عذاب عظيم إلى قَدْره ثم أليم في وقعه في أجسادهم ثم عذاب مهين. عذاب عظيم إشارة إلى قدره وأليم إشارة إلى وقعه في أجسادهم والثالث مهين في نفوسهم فقد تتعرض أحياناً لموقف أليم وليس مهين والعكس. إذا صفعك أحدهم أمام الناس هذه إهانة ولو أنها غير مؤلمة جسديا لكنها مهينة والله سبحانه وتعالى جمع لهم بين عظيم ومهين وأليم.

هذه تُشكل على لحُفّاظ نجد عظيم ثم أليم ثم مهين. ولكن من وسائل الضبط وسيلة الضبط بالأسلوب المعجمي تأخذ الحرف الأول من كل كلمة تنظم منها كلمة. خذ من عظيم (عين) ومن أليم (ألف) ومن نهين (ميم) وهي كلمة عام إحفظها وهذه إحدى أساليب الضبط.

(إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ) الإملاء أي الإمهال. وإعطاء فرصة. وفي الآية رَدُ على من قصر تصوره ويقول ما بال التسونامي يجىء شمال آسيا ولا يجيء في أمريكا في الدولة الظالمة؟ كما قال تعالى {نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا} ليزدادوا إثماً. سُنة الإملاء سنة ربانية وقد يستمر هذا الإملاء سنين طويلة ليس بأعمارنا نقيس. ومن أكبر أخطائنا نحن البشر أننا نقيس بأعمارنا أي بالسنوات. منذ متى وأميركا متجبرة وفعلت باليابان ما فعلت {إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} العذاب المهين سيجيء لا محالة ولكن متى؟ هذا قدر الله، والله أدرى به ولذلك قال سبحانه وتعالى {فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا (17) الطارق} نستفيد من ذلك ألا نستبطىء النصر من الله. وأن لا يغرنا أن الكفار أقوياء وما زالوا يزدادون قوة، هذا من الإملاء سيأتي الله باليوم ترى فيه أمريكا قد سخطت. هذا يجعلنا عندما نلتقى مع هؤلاء لا نغتر بما هم عليه فلا تغتر بما هم عليه ولا تعترض على القدر فتقول لماذا وقع العذاب هنا ولم يقع هناك؟.

الآيات إذن فيها فوائد: قوله {لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا} هي نكرة في سياق النفي يعني (أي شيء). هؤلاء الكفار مهما صنعوا لن يضروا الله شيئاً. وتكرارها في الآيات {إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا} ثم يؤكد أيضا {لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} هذه نكرة في سياق النفي فهي تدل على العموم. وهناك فائدة الحقيقة أن النكرة في النفي والنهي والإستفهام كما ذكر العلماء تدل على العموم. أما النكرة في سياق الإثبات فإنها لا تدل على العموم إلا في بعض السياقات كما في قول الله عز وجل {عَلِمَتْ نَفْسٌ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير