تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

{عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ} فيها نوع من الإلتفات ما قال ما كان الله ليذركم على ما أنتم عليه ولكن يقول {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ} كأن الإبتلاء رحمة بالمؤمنين الذين اتصفوا بهذه الصفة هذه واحدة. والأمر الثاني أن قال {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ} كأن هناك قائل قال لماذا لا تطلعنا على الغيب لنعرف المنافق من المؤمن فنرتاح؟ لأن ليس من سنته سبحانه وتعالى ولا من حكمته أن يطلع أحد على الغيب إلا من إرتضى من رسول لذلك قال {يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ} ليطلعه على بعض الغيب. وقد أطلع الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم على شىء بالرؤيا التي رآها قبل المعركة. {وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ} قد يقول قائل ما موقعها الآن والكلام عن الغيب؟ هذه إشارة إلى أن ذكر الرسول هنا لأنه يطلع على جزء من الغيب {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا (27) الجن}

استدراك

حملت الآية على أنها خطاب للمؤمنين. وهناك قول آخر لإبن عباس ذكره الطبري يقول الله للكفار ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه من الكفر حتى يميز الخبيث من الطيب فيميز أهل السعادة من الشقاوة فهو يرى أنها خطاب للكفار.

{يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ} هذا المعنى تكرر في القرآن وهو الإجتباء والإصطفاء {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ (من 124 الأنعام} {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) آل عمران} هذه الآيات الإجتباء والإصطفاء التي خص بها الله هؤلاء الأنبياء من المهم التنبه إلى أمر وقد أشرنا إليه من قبل وهي أن سبحانه وتعالى الذي قال {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} قال {قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ (من 140 البقرة)}. فقد يرد في بعض من إجتباه الله في القرآن بعض الأفعال التي ذكرها الله عنهم أو بعض الأوصاف التي وصفهم الله بها فيأنف بعض المسلمين أن تنسب هذه الأوصاف لهؤلاء المجتبين ويدعي أن هذا منافي للأدب وأن هذا فيه سوء أدب. تأمل نحن نحمد لك حرصك على الأنبياء ولكن انتبه ألا تقع في سوء الأدب مع الله لأن الذي إجتبى هؤلاء هو الله سبحانه وتعالى وهو الذي ذكر هذه الإعال منهم ولكن قل أن يذكر ذنبا إلا ويذكر بعدها توبته منها وأن الله قد تاب عليهم. لذلك الحسن كان يقول ما ذكر الله ذنوب الأنبياء ليعيرهم بها ولكن لنقتدي بهم في التوبة. وهذا يفتح للمسلمين باب الإقتداء بأنس بشر يقع منهم أحيانا اجتهادات فيصيبون ويخطئون. صعب علينا أن نقتدي بالملائكة وهم لا يعصون الله ما أمرهم وليس عندهم شهوات ولهذا قال {قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا (من 93 الإسراء)} فنحن نأخذ جانب الرسالة ولا ننتبه للجانب البشري مع أنه واضح جداً. وهذه من نعم الله علينا أنه اجتبى من البشر رسلاً. صحيح أن النبي معصوم فهناك جانب من العصمة يغفل عنه كثير من الناس وهي العصمة من التمادي في الذنب. هذا لا يوجد في الأنبياء ما ذكر لنبي من ذنب إلا وذكر استغفاره وذكر توبة الله عليه. بل أن الله ينبهه عليه مثل ما حصل من داود في سورة ص {فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ (من 24 ص)} ثم قال (فغفرنا له) مثل هذا إذا كان يذكر أنهم استغفروا هل استغفر ولم يغفر له شىء ولم يقع منه ذنب؟ يقول بن قتيبة أن بعض الناس يستوحش من نسب الذنب للنبي والله سبحانه وتعالى قد ذكره. لا يُستوحش من هذا لأني أنا لا أدعي شيئاً على النبي من ذات نفسي وإنما ذكره الله سبحانه وتعالى. وهذا ذكره البغوي عندما جاء لتفسير سورة يوسف {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24)} اختلف الناس في ما هو هم يوسف ويكادون يتفقون أنه الهمّ الفاحشة. أما همّ يوسف فقد اختلفوا فيه لكن الجواب الذي ذكرته عن ابن قتيبة قال وبعض الناس يصيبه الورع في أن

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير