تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

(وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) إيراد هذه الجملة فيما يتعلق بالبخل واضح جدا. أنك تبخل ولكن الله سبحانه وتعالى له ميراث السماوات والأرض غني عن مالك وصدقتك. فإذن أنت الذي بحاجة لله سبحانه وتعالى. عندما نتأمل الآية بعض الناس يقول ليت فلان من الأغنياء يعطيني بعض المال ولا يقول يارب أعطني. كما حدث مع قارون لما خرج في زينته {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79) القصص} لو قدّر الله -وهو نادر- جاءك رزق من فلان تجد أنك تشكره أكثر مما تثني على الله سبحانه وتعالى مع أن الله جعله سببا في وصول المال إليك. جاءت إمرأة إلى عمر بن عبد العزيز ومعها يتيمات لها ليعطيهم من العطاء. فلما أعطى الأولى قالت الحمد لله ولما أعطى الثانية قالت الحمد لله ولما أعطى الثالثة قالت شكر الله لك يا أمير المؤمنين قال أما وقد رددت الفضل إلى أهله فإنا كُنا نعطي وأما وقد جعلت الفضل إليّ فدعي هؤلاء يواسين الرابعة. علينا أن ننسب الفضل لله تعالى.

قصة عن صالح الراجحي وهي مشهورة ذكرت في الكتاب الذي أُلّف عنه وهي قصة فيها عبرة. وكان رجلا يعمل في بداية حياته لما جاء إلى هنا حمالا يحمل المتاع. هذا الرجل الغني بدايته جِدّ وكدّ وتعب. كان يمشي في شوارع الرياض فمر الملك عبد العزيز في موكبه وكان من عادته أن يفرّق المال على الناس خاصة بعد أن أنعم الله بنعمة البترول. فلما مرّ رأى هذا الرجل يمشي فرمى له ببعض الريالات فمر صالح من عندها ولم يلتقطها فتعجب الملك من ذلك الرجل وهو على غير عادة الناس. قال لصاحب السيارة قف وارجع لماذا لا تأخذ المال؟ قال أنا غني عنه ,الذي أعطاه يعطيني. يقول هذه الثقة بالله جعلت الله يعطي هذا الرجل عطاء واسعا حتى أنه صار في سنين لا يعرف كيف يؤدي زكاته ويبحث عن مخارج في كيف يخرج الزكاة من كثرتها تبقى شهراً كاملاً والناس يصطفون لأخذها حتى ينهيها قبل أن يذهب للعمرة. إذا وثق الإنسان بالله سبحانه وتعالى وجعل الأمر إليه سيجد كيف يحصل من الخير.

(وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) ختم بالعلم والخبرة ومرت قبل ذلك وهي هنا مرتبطة بأن البخل دسيسة في النفس وتظهر في العمل. فقال هذا الذي تعملونه الإنفاق أو عدم الإنفاق هو عمل والله خبير به ومجيء خبير تدل على العلم بما في النفوس من دسائس. قد تخفى على الناس

(لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (181))

المقصود بها طائفة من اليهود الذين تجرؤا وقالوا هذه الكلمة الخبيثة فيها روايتان يقال {دخل أبو بكر الصديق , بيت المدراس , فوجد من يهود أناسا كثيرا قد اجتمعوا إلى رجل منهم يقال له: فنحاص , وكان من علمائهم وأحبارهم , ومعه حبر يقال له: أشيع. فقال أبو بكر: ويحك يا فنحاص , اتق الله وأسلم , فوالله إنك لتعلم أن محمدا رسول الله , قد جاءكم بالحق من عنده , تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة والإنجيل , فقال فنحاص: والله _ يا أبا بكر _ ما بنا إلى الله من حاجة من فقر , وإنه إلينا لفقير! ما نتضرع إليه كما يتضرع إلينا! وإنا عنه لأغنياء , ولو كان عنا غنيا ما استقرض منا كما يزعم صاحبكم! ينهاكم عن الربا! فغضب أبو بكر , فضرب وجه فنحاص ضربا شديدا وقال: والذي نفسي بيده , لولا الذي بيننا وبينك من العهد لضربت عنقك يا عدوا الله , فأكذبونا ما استطعتم إن كنتم صادقين , فذهب فنحاص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد , أبصر ما صنع بي صاحبك! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: ما حملك على ما صنعت؟ فقال: يا رسول الله , إن عدو الله قد قال قولا عظيما , زعم أن الله فقير وأنهم عنه أغنياء! فلما قال ذلك غضبت لله مما قال , فضربت وجهه , فجحد ذلك فنحاص وقال: ما قلت ذلك , فأنزل الله فيما قال فنحاص ردا وتصديقا لأبي بكر: {لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء} الآية.الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: أحمد شاكر - المصدر: عمدة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير