تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الشيطان أخذ على نفسه عهدا أن يتربص بنا ويأتينا من كل الطرق المتاحة له فلا غرابة أنه يوسوس وأنه يزين. بعد أن ذكر الموت ذكر البلاء وكأن هذا تعقيب على ما ذكرنا من قبل قصة أحد. أصبتم بالموت فكل الناس سيموتون. الموت إذا مزية إلا أن يموت الإنسان في سبيل الله لغاية عظمى وناس يموتون ميتة عادية.

البلاء يصيب الجميع

طيب هؤلاء ماتوا وانتهوا , الباقين صار لهم بلاء في أنفسهم وفي أموالهم أو أي الابتلاءات التي تصيب الإنسان. ولذلك عقب بذكر البلاء قال {لَتُبْلَوُنَّ} يعني لو سلمتم من البلاء في أُحد فإن البلاء ملازم لكم. فلأن تبتلوا في ذات الله خير من أن تبتلوا في غير ذلك. هل يسلم أحد من البلاء؟ الكبير أو الصغير؟ كل لا يسلم من البلاء {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (4) البلد} {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (35) الأنبياء} الذي في سلامه من الإبتلاء هل يظن ألا يبتلى؟ بعض الناس لا يصاب بالأمراض بكثرة وبعضهم لا يصاب مثلا بموت أبنائه أو الفقر. هل هو بمنأى عن البلاء؟ لا بل ما هو فيه أشد مما هم فيه، فهو أيضا مبتلى. قال عبد الرحمن بن عوف ابتلينا بالضراء فصبرنا وابتلينا بالسراء فلم نصبر. فإن البلاء في السراء أيضا شديدا على النفس لأنه يحتاج إلى شكر. {لَتُبْلَوُنَّ} اللام للقسم والنون مشددة أي والله لتبلون. هذا المعنى تأكيداً لما قلنا سابقا من أن القرآن مثاني مذكور في قريب من هذه الصيغة في سورة البقرة {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) البقرة} هنا فيها تفصيل أكثر. تلك فيها تخفيف فقال "بشيء" يعني لم يتم البلاء من رحمته ألا يجمع البلاء على عبد فيبتلى في ماله ووطنه وخلافه ولكن بشيء يقلبه الله بين السراء والضراء حتى ينظر إلى عبوديته في كلتي الحالتين. وقال تعالى {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6) الشرح} لا ينزل البلاء إلا ومعه رحمة وهذا من رحمة الله. قدم الأموال على الأنفس لأن البلاء فيها أكثر والناس أكثر تعلقا بها ويقولون المال شقيق الروح.

أصل في الحرب الإعلامية

{وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا} يشير إلى ما وقع من أهل الكتاب في أحد وما سيقع منهم على مدى التاريخ مع المسلمين وأنهم سيسمعون منهم أذى كثيراً. تعال نستعرض التاريخ ما قاله فنحاص اليهودي وأمثاله {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} هذه كانت شديدة على أبو بكر أشد من أن يضربوه وكذلك بعض الصحابة لأنه شعر بألم شديد لما سمعهم يسبوا الله تعالى, المشركون يعرفون أن بلال إذا سبوا الرسول فأنه أشد في أذيته من سبه هو نفسه فكانوا يسبون محمد ليؤذوه من شدة محبته صلى الله عليه وسلم. قالوا لأحد الصحابة عندما أمسكوه في مكة هل تود أنك في بيتك آمن سالم ومحمد مكانك؟ قال والله ما وددت أنني في بيتي وأن محمد تصيبه شوكة وهو في بيته وهذا من شدة محبته للرسول صلى الله عليه وسلم. وهذا الأذى مستمر إلى الآن , الذين أساؤا للنبي برسم الكاريكاتير يلاحظون أن المسلمين قد اشتعلوا غضبا وهذا من علامات الإيمان قد لا أتأثر إضا شتمني أحد لكن لا أتحمل أن يشتم أحد رسول الله صلى الله عليه وسلم. أبو بكر وهو أحلم الناس لم يتحمل وصفع اليهودي, نحن في أذى. هؤلاء يسبون إلى ديننا وتاريخنا والقرآن والمسلمين وهذا كله من الأذى. والله يقول {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا} بالتأكيد والقسم (لتسمعن) إشارة إلى أنه أكثر في الأذية وإلقاء التهم والإهانات.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير