تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

صحيح}.

قوله تعالى {لَا تَحْسَبَنَّ} وفيها قراءة (لا يحسبن).لاحظ أن بعض التفاسير كتبت على قراءة قالون مثل تفسير ابن عاشور. وبعض التفاسير كتبت على القراءة التي كان المفسر يقرأ بها فننتبه إلى أأمرين أن نص المصحف قد يكون كتب بتلك الرواية وبعض الناس قد يعتقد أنها خطأ. والأمر الثاني ممكن المصحف يكتب بقراءة حفص ولكن المفسر يفسر برواية قالون فننتبه بأي شيء يفسر المفسر وهذه من الفوائد التي تخفى على بعض طلبة العلم أو بعض المحققين مع الأسف.

قوله {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} متصلة بما قبلها. مازال الحديث عن أهل الكتاب اليهود بالذات لأنهم هم خالطوا الرسول صلى الله عليه وسلم. ولما سألهم صلى الله عليه وسلم عن بعض المسائل فأجابوه فرأوا أنهم حمدوا أنفسهم وفرحوا بما أعطوا صلى الله عليه وسلم من العلم الذي سألهم عنه أو أنهم كتموا وفرحوا بما كتموا ولكن قال {يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} وهو الآن ثنى عليهم بأمور لم يفعلوها وهذا كثير مما نجده في أخلاق اليهود ولهذا لما نتأمل أحوالهم مع النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوه ويدعون أنهم فعلوه وهم لم يفعلوه. هذه النفسية نبه عنها سبحانه وتعالى فقال {فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ} لو تأملنا الآية التي قبلها لما أخذ الميثاق عليهم ثم جاء بهذه الآية معناه أن ما يفعلونه الآن يستحق العذاب. قرأ مروان بن الحكم وكان في المدينة {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} فقال لئن كان كل واحد منا يفعل فعله ويفرح به ويحب أن يحمده الناس بأفعاله سيعذّب لنعذبن أجمعين. فأرسل غلامه إلى ابن عباس يقول إذا كان كل واحد عمل عملا وفرح به سنعذب أجمعين. فقال مالكم ولهذه الآية؟ إنما نزلت في اليهود جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسألهم عن مسألة فكتموها وأظهروا غيرها فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ففرحوا أنهم تجاوزوا هذا الموقف وفرحوا بأنهم لبسوا عليه الأمر ولم يكشفهم فلما خرجوا نزلت هذه الآية {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ}. مراد ابن عباس في رده على مروان التنبيه على أن ما أدخله مروان في معنى الآية ليس في معنى الآية في شيء إنما معنى الآية مرتبط بمسألة أشبه ما نقول مصيرية مسألة مرتبطة بالدين. ونلاحظ أنهم كتموا أمرا عن النبي صلى الله عليه وسلم من أمور الدين واستحمدوا أنفسهم بهذا الفعل وفرحوا به. ابن عباس نبه على أن سياق الآيات للغرض المعين. وهذه فيها فائدة وهي أن التفسير اللغوي لا يكفي لفهم الآيات أحيانا فمروان بن الحكم من أهل اللغة وهو من بني أمية من قريش أي عربياً وليس أعجمياً وبالرغم من ذلك أخطأ في فهم هذه الآية على ظاهرها اللغوي ولكن ابن عباس نبه على أمر أدق وهو السياق الذي توجد فيه وسبب النزول ولذلك التفسير ليس باللغة فقط. التعامل مع القرآن يجب أن يكون فيه حذر ومراجعة لكلام المفسرين حتى تعرف أسباب النزول وهذه هامة جدا. لأننا نجد بعض من يفسر القرآن الكريم يعتمد على لغته وبعض المراجع اللغوية وهذا لا يكفي. مروان بن الحكم فهم الآية على ظاهرها. مثلا إذا أحد يقول ما شاء الله عليكم اخترتم هذا الديكور الجميل فنحن نبتسم ونسكت أو نفرح بما قيل ظنا انه منا. هذا هو الأمر الذي ذهب إليه مروان والآية تحكي أمرا آخر لا علاقة له بهذا الأمر، الذي ذهب إليه مروان لو كل امرئ فرح بما آتى وأحب أن يحمد على ما لم يفعل لنعذبن أجمعون هو فهمها على المعنى العام والمراد هو ما يتعلق بكتمان العلم الذي يؤثر في قضية عملية أو علمية ودليل ذلك اتصالها بالآية التي قبلها كما قال ابن عباس.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير