تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فإنه يبقى لهم العذاب. والعذاب هنا يشمل العذاب الدنيوي والأخروي وان كان قطع الطرف والكبت هو جزء من العذاب ولكن هذا يكون عذاب مخصوص غير العذاب الأول. فإذن الآيات إذا تأملنا في قوله {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} كأن فيها نوع من التربية للنبي صلى الله عليه وسلم على الصبر وعدم العجلة في أمر هؤلاء مع أنه صلى الله عليه وسلم تمثل هذا الأمر لكن في بعض الحوادث المعينة وقد يكون صلى الله عليه وسلم قد دعا على قوم أو حصل منه شيء من هذا فينبهه الله سبحانه وتعالى على أن الأمر كله لله.ولذلك لما كان في يده أن يطبق على الكفار الأخشبين قال لا. روت عائشة رضي الله عنها {أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: هل أتى عليك يوم أشد من يوم أحد؟ قال: لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال، لتأمره بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال، فسلم علي، ثم قال: يا محمد، فقال: ذلك فيما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده، لا يشرك به شيئا.الراوي: عائشة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3231خلاصة حكم المحدث: [صحيح]}. فهذا الموقف الذي عاشه الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه الفترة يدل على أنه كان موقف عصيب وشديد وسبب النزول يدل على ذلك وقد ورد فيه حديثان. الأول {أن النبي صلى الله عليه وسلم كسرت رباعيته يوم أحد وشج في جبهته حتى سال الدم على وجهه فقال كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيهم صلى الله عليه وسلم وهو يدعوهم إلى ربهم عز وجل؟.الراوي: أنس بن مالك المحدث: ابن عساكر - المصدر: معجم الشيوخ - الصفحة أو الرقم: 1/ 42خلاصة حكم المحدث: صحيح}. فأنزل الله هذه الآية {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ}. والثاني {أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الآخرة من الفجر يقول: (اللهم العن فلانا وفلانا وفلانا). بعد ما يقول: (سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد). فأنزل الله: {ليس لك من الأمر شيء - إلى قوله - فإنهم ظالمون}. الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 4559خلاصة حكم المحدث: [صحيح]}. وهذا يؤكد أن صلى الله عليه وسلم في موقف احتمل عليهم أو دعا عليهم أو استعجل عليهم فالله سبحانه وتعالى قال إن الأمر بيده {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ}. ولعل هذا السر في أن جاء بعدها {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (129)} وقدم المغفرة. وقد تدعو على رجل مشرك وقد كُتب في اللوح المحفوظ أنه يُسلم ويرفعه الله عز وجل ويتوب الله عليه ويغفر له كما قال سبحانه وتعالى {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ}.

وهذا أيضا ورد في سورة الممتحنة {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (7)} تصور هذا بعد أن اشتدت الإحن والقتال والخصومة بين المسلمين والكفار. وأعجب من ذلك أنه ختم الآية بطريقة غير معهودة في ختم الآيات {وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} فجاء بالقدرة أولا ولم يكتفي بها فالله قادر على أن يفعل ذلك له الملك قلوب العباد بين أصبعين من أصابعه يقلبها كما شاء. قال {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} يغفر لمن يشاء ويرحمه فيجعله من أهل الإسلام. لا يفهم من هذا عدم جواز الدعاء على الكافر ولكن من النبي صلى الله عليه وسلم لا شك إذا وقع منه فقبوله ليس كقبوله من غيره. وأيضا المقصود أن لا تستعجل في دعوة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير