تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الناس أو تستعجل في حصول مردود هذه الدعوة.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130)). قد يأتي سؤال ما مناسبة الحديث عن الربا في وسط الحديث عن آيات الجهاد وغزوة بدر وأحد تأتي آية عن المعاملات المالية وما يتصل بها؟ ما هي المناسبة؟. المفسرون يذكرون مناسبة ورود هذه الآية وسط الحديث عن الغزوة وهي مناسبة لطيفة ولها نظائر في القرآن الكريم. وينبغي على الذي يقرأ القرآن الكريم أن يلتفت إلى هذه المسألة وهي كيفية نظم القرآن الكريم ولماذا ترد الآيات في هذا الموضغ بالذات؟ لأن الله سبحانه وتعالى قال عن هذا الكتاب {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42)} (فصلت). وقال {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1)} (هود). حتى تقرأ في بعض الكتب أن الله لم يقل كتاب أحكمت أجزاؤه أو أحكمت سوره إنما قال أحكمت آياته والآية هي أصغر وحدة في القرآن الكريم فمن باب أولى إحكام الكل. فإيراد الحديث عن أكل الربا والنهي عنه وسط الحديث عن آيات الجهاد والغزوة إشارة إلى أنه ينبغي على من يقاتل في سبيل الله أن يطهر ماله وأن يطهر عمله حتى جاء الحديث عن الصلاة أيضا في وسط آيات القتال وجاء الحديث عن الصلاة في وسط آيات الطلاق {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (237) حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238) فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (239)} (البقرة). ينبغي على المسلم دائما أن يتفقد علاقته بالله سبحانه وتعالى يعني المقاتل في سبيل الله وهو يأكل الربا كيف والله سبحانه وتعالى يقول لمن لم ينتهي عن الربا {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279)} (البقرة) كيف أنت تقاتل في سبيل الله وأنت تأكل الربا؟! لا يُقبل هذا. هذه مسألة ترابط أجزاء الشريعة بعضها ببعض. قد يسأل ما علاقة الربا وهذا سؤال جميل ولكن أيضا تأمل أنك أمام شريعة متكاملة والنظر إلى هذا أنه شريعة متكاملة يجعلك تنتبه إلى أنه تدخل هذه الشريعة وهي كالوشيجة الواحدة مرتبطة بعضها ببعض لا يمكن أن ينفك كالشبك خيط بخيط. فإذا جعلتها هي الأصل الجامع ثم انطلقت بعد ذلك تبحث لماذا خص الربا فهذه قضية أخرى. فالقضية العامة أننا حينما نسأل عن علاقة الآية بما حولها نحن نقول لا عندما تدخل القرآن اعرف أنه وشيجة واحدة متكاملة ولكن سؤالك هنا ليس عن الوشيجة العامة وإنما عن قضية خاصة. هل اختيار الربا هنا دون غيره من الذنوب قصد واحد؟ نقول نعم. هل اختيار الصلاة دون غيرها من الطاعات فيما يتعلق بالطلاق؟ نقول نعم. إذن السؤال هنا دقيق ومحدد. المتعلق بالربا هذا الربا يأسر قلبه أسرا ويكون قد بلغ الغاية من حب الدنيا. والذي أحب الدنيا بهذه الدرجة حتى صار يظلم عباد الله عبر ما يسمى الربا المضاعف لا يمكن أن يفلح في ساحة المعركة ولا يمكن أن يقدم النفس وهو لم يقدم المال ويرحم الضعفاء, فإذا كنتم صادقين فتطهروا من الربا الذي هو عنوان حب المال حتى تفوزوا بالتضحية بنفوسكم في سبيل الله عز وجل هذا وجه حسن. ووجه آخر أن الله سمى آكل الربا والمرابي بأنه محارب الله ورسوله وأنت الآن تأتي في المعركة وتظهر نفسك أنك تحارب لله وهذه لا تتوافق لذلك جاء النهي عنها. هذه الفوائد لما تجمعها كلها تجد أن هذه القضية مهمة جدا {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1)} (هود).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير