تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وهذا من معاني الإعجاز في القرآن الكريم وهو الإعجاز التشريعي. يتكلم العلماء أن من أظهر معالمه هذا التكامل لا يمكن أن تجد بين شرائع الإسلام تعارض أبدا مع كثرتها {أن رجلا قال يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت عليّ فأخبرني بشيء أتشبث به قال لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله الراوي: عبدالله بن بسر المحدث: المنذري - المصدر: الترغيب والترهيب - الصفحة أو الرقم: 2/ 326خلاصة حكم المحدث: [إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما]}. نقول نعم أن شرائع الإسلام كثيرة جدا. ولكنها لا تتعارض ولا تتناقض وبينها من الانسجام ومن التكامل ما يدل على أنها من لدن عزيز حكيم. وإذا رأيت عدم انسجام فأعلم أنه من فعل المكلف وفقهه ولا من حقيقة الشريعة. في قضية الإعجاز التشريعي ننادي إلى أن الناس أكثروا في قضية الإعجاز العلمي على اعتبار أنه هو المناسب لهذا العصر وأهملوا في الوقت نفسه الإعجاز التشريعي وهو إعجاز يحتاج إلى إظهار. لأن كثير من الخطاب العلماني والليبرالي إنما يضرب على هذا الوتر ويتكلم عن تنقيص الشريعة وأنها ليست متكاملة وغير صالحة لكل زمان ومكان. والمفترض أن ينبري علماء الشريعة وعلماء الإسلام والمفكرون المسلمون إلى أن يظهروا إعجاز الشريعة في هذا الباب وخصوصا من خلال آيات القرآن. فلماذا مراكز الإعجاز مثل الهيئة العالمية للإعجاز العلمي أن يكون أحد أولوياتها إظهار الإعجاز التشريعي. ما هو الإعجاز العلمي بمعنى المكتشفات وما يتصل بها بل أن هذا أولى وأحرص وأجدى لأنه صالح في كل وقت ويبرز محاسن هذا الدين ويقنع أهل الدين بدينهم. لو لاحظتم الآن القوانين الوضعية كثيرة. القانون اليوناني والفرنسي والبريطاني والشريعة الإسلامية والشريعة مكتوب فيها دراسات كثيرة. لاحظوا الآن القوانين الوضعية فيها دائما تطوير وتصحيح وهناك لجان كثيرة تشرف على هذه القوانين الوضعية وتطورها. تطور مثلا قانون الطلاق والأحوال الشخصية والميراث إلى آخره وتضع شروحا لها. لو تتبعون شروح هذه القوانين الوضعية تجدون أنها تطور بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية كلما ترقوا هم مثلا عندهم الطلاق ممنوع في بعض القوانين الوضعية ثم لما رأوا الفساد الذي استشرى بسبب هذا القانون طوروه إلى إباحة الطلاق وهذا يتوافق مع الشريعة الإسلامية. نأتي إلى تعدد الزوجات مثلا يمنع منعا مطلقا حسب بعض القوانين الوضعية ويعتبر جريمة ثم بعد ما رأوا ما ترتب عليه من مفاسد رأوا أن يطور ويباح التعدد بواحدة. تلاحظ كلما زادت خبرتهم ومعرفتهم بالقوانين يطورون بما يقترب من الشريعة الإسلامية. الله سبحانه وتعالى هو الخالق وهو المشرِّع. وهذه الحقيقة لو تبرز بشكل يبسط للناس نرى أن القانون الفرنسي الذي تتعامل به معظم الدول الإسلامية انظروا لما فيه من نواقص بعد التطور لماذا وصلوا؟ وانظروا إلى الشريعة الإسلامية. الآن لدينا مسألة حية مثل الأزمة المالية العالمية وهي متصلة بآيتنا هذه. الأزمة سرها الانحراف التام عن منهج الله سبحانه وتعالى في إدارة المال. الغرب اكتشف أن البنوك الإسلامية عن بكرة أبيها لم تدخل في هذه الورطة لا في قليل ولا في كثير. ولذلك جاء وفد من أمريكا وأوربا لدراسة ما هي حقيقة الاقتصاد الإسلامي الذي ما عرفناه وكنا نستهين به. وذهبوا إلى تقليل الفائدة.

مسألة أخرى وهي أن الإعجاز العلمي والإعجاز التشريعي والإعجاز العقدي يظن بعض الناس ويتصور أن هذه الأنواع من الإعجاز أنها بمنأى عن الإعجاز المتعلق بنظم القرآن وعربيته. يقول أن هذا العصر هو عصر العلم ويجب أن نبين الجانب العلمي وأن عصر الذين يفهمون في الإعجاز النظمي واللغة العربية قد انتهى وهذا يوجد خلل في هذا التفكير لأن المفترض أن أُوظف الإعجاز العلمي والتشريعي أو أي إعجاز أوظفه من خلال النظم. إذا لم يتوافق مع النظم أنا أعلم أن كلامك خطأ ولذلك ندعو الذين يشتغلون بهذه الأنواع من الإعجازات أن ينتبهوا إلى هذه المسألة قبل أن يأخذوا هذه الجملة أو الآية ويخرجونها عن مسارها ويعملون عليها الدراسات. ومن اللطائف مثال قوله تعالى {فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ (37)} (الرجمن) رأيت أحدهم عرض صورة لنجم يتفجر فإذا به في شكل مثل شكل الوردة. أخذ الرسم من وكالة ناسا وكتب تحته (وردة كالدهان).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير