تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وهذا الأسلوب موجود في القرآن ويسمى القيد غير اللازم مثل قوله سبحانه وتعالى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (23)} (النساء). أي أن إبنة زوجتي من غيري تحرم علي سواء كانت معي في البيت أو تعيش مع أبيها ولكنه قال (اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ) إشارة أنه غالبا تكون البنت مع أمها. وأيضا {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} من الآية (33)} (النور) فيها قيد غير لازم وهذا كثير في القرآن. ونشير إلى أهمية أننا نحتاج إلى معرفة هذه الأحوال والعادات التي كانت عندما نزلت الآيات. مثلا أحوال اليهود والنصارى الذين نزلت بشأنهم الآيات وهذا لا يمكن أن يعرف إلا من خلال الآثار، ولا تعرف إلا بمعرفة أحوال الناس. وقد بحث هذا الموضوع "القيد غير اللازم" الدكتور فهد الرومي في "الصفة الكاشفة".

(وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130) وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (131)) كرر الحديث عن التقوى فقال بعدها {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133)} وقال {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138)} يعني في هذا المقطع ذكرت التقوى قرابة أربع أو خمس مرات وهذه تدل على أن سر الأمر وسر النصر وحقيقة التكليف أن يصل الإنسان إلى هذه المرحلة يمتلئ قلبه من خوف الله عز وجل وخوف عذابه حتى يرتدع عن كل ما حرمه الله فإذا جاءه أمر من الله عز وجل صار عنده من القوة النفسية على الزهد في ذلك المحرم وتركه اتقاء لوجه الله. يخاف من الله ويخاف من عذابه ولذلك لا تحدثه نفسه بالرجوع إلى هذا الأمر أو المناقشة فيه. الآن ما هي المشكلة نجد ناس مسلمين التقوى عندهم تصل درجة صفر أو واحد بالمائة أو اثنين بالمائة فلما تقول له {لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} يقول ما هذا؟ وكذلك {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)}. تجده دائما يناقش لأن القلب خالي من الخوف وخالي أيضا من الطمع في فضل الله سبحانه وتعالى يتعامل مع هذه القضايا على أنها قوانين ولذلك يناقش فيها كأنها يناقش كلام بشر. لا يا أخي، يجب أن يمتلئ قلبك بالخوف من الله سبحانه وتعالى وهيبة له وإجلالا له وتعظيما لحرماته. إذا امتلأ القلب بذلك لما تصل الآية إلى سمع الإنسان تجده مباشرة يستجيب ولذلك نساء المؤمنين لما نزلت آية الحجاب في الليل ما صلّين الفجر إلا وهن متلفعات بمروطهنّ من سرعة الاستجابة. وذهبن يشققن ملاءاتهن حتى يحتجبن ولم يقلن في الصباح إن شاء الله نسال النبي صلى الله عليه وسلم. ومن أين نأتي بالثياب؟ ولا تكفينا الثياب!. لا، جاؤوا لصلاة الفجر وعليهن مثل الغربان. {عن أم سلمة قال: لما نزلت {يدنين عليهن من جلابيبهن} خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من الأكسية الراوي: أم سلمة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 4101 خلاصة حكم المحدث: صحيح}. هذه هي الاستجابة. ولو تأخروا ما عوتبوا. قالت عائشة رضي الله عنها (رحم الله نساء الأنصار) وهذه من التقوى. نحن نحتاج قبل أن نشحن أولادنا بالتعليمات الإسلامية أن نخوفهم بالله ونزودهم بالتقوى ونذكرهم بالآخرة كما كان لقمان لما يعظ ابنه قال {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (16)} (لقمان) يربي فيه مراقبة الله واطّلاعه على عبده وبعدها يقول {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17)} (لقمان). إذا وجد هذا في القلب فإن القلب يستقبل أي أوامر من دون أيّ إشكالات.

{وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130) وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (131)} وهذه مرتبطة بقوله {لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} أي اتقوا الله واتقوا النار. وأهل السنة في مثل هذه المواطن ينبهون على أن النار مخلوقة خلافا لبعض الطوائف التي أنكرت أن تكون الجنة والنار مخلوقة.

ثم قال {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132)} وكأن الأول التخلية وهي التقوى والثاني التحلية وهي الطاعة. فهذه مهم أن ننتبه لها أنه لما جعل القلب يوجل ويخاف وهذا نوع من التصفية والتخلية وجد حلاوة بالطاعة لله ورسوله وقال لعلكم ترحمون أي أن طاعة الله ورسوله توصل إلى رحمة الله سبحانه وتعالى.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير