تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الصفح {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (22)} (النور). الصفح مرتبة أعلى من العفو وهو من أخلاق النفس العالية أي كأن الأمر ليس له ذكر البتة مثل ما قال يوسف عليه السلام {قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92)} (يوسف). والتزم {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100)} (يوسف) وما قال أخرجني من البئر لأنه التزم. لو قال وقد أحسن بي إذ أخرجني من البئر وهذه كان فيها ظلم فادح بالنسبة له ومع ذلك إلتزم وكأن الموضوع لم يكن. وقال {نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي} كأنه هو المخطئ. ثم {إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ}. وبعد أن قال تعالى "العافين" جاءت على اسم فاعل (ينفقون, الكاظمين, العافين) وفيه ارتباط بالفعل من جهة وليست فعلا خالص وليست في الاسم الخالص. اسم الفاعل مرتبط بالدلالة وكذلك بالإعراب. ولكن لما جاء عند الإحسان قال {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} وهذه الفاصلة فيها تنبيه على العموم أن الله يحب أي محسن في أي أمر كان. حتى في الحديث {ثنتان حفظتهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال (إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة. وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح وليحد أحدكم شفرته فليرح ذبيحته). الراوي: شداد بن أوس المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1955خلاصة حكم المحدث: صحيح}. علما بأن القتيل أو الذبيح لا يستفيد من القتل شيئا. و لما قال {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} هذا خبر وهذا من أساليب ذكر الأعمال التي يحبها الله ويحث عليها. {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195)} (البقرة) وأنت لا شك تحب أن تتبع ماضي الله وأن تعمل ما يحبه الله ولهذا لما قال يصفهم (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ) وصف واضح و (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ) وصف واضح و (وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ) وصف واضح فإن الله يحبهم ولكن لم يقل يحبهم بل قال (وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) بمعنى أن هذه الصفات لا تكون إلا في المحسن. لماذا يحبهم؟ لأن هؤلاء قد بلغوا درجة الإحسان. وبالفعل لا يمكن أن الإنسان ينفق في السراء والضراء ويكظم الغيظ وكظم الغيظ ليس سهلا سهل أن يعبر عنه الإنسان بلسانه فهو من أيسر ما يكون ولكن والله في الواقع هو من أشد الأشياء. قال صلى الله عليه وسلم {ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6114خلاصة حكم المحدث: [صحيح]}. ويزيد على ذلك بأن يعفو عن من أغاظه وأساء إليه. بعض الناس لا يفهم المقصود بهذا الحديث عندما ينطقه (ليس الشديد بالصُرعة). يعني هو الذي يصرع صاحبه ولكن الحديث ليس الشديدُ بالصُرَعة. قال الرجل الصُرَعة هو الرجل المصارع القوي الذي يصرع غيره كأن تقول هذا الرجل طُلَعة أي واسع الاطلاع وهذا رجل رُحَلة أي كثير الترحال وهذا رجل صُرَعة أي يصارع.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير