تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

(وسارعوا) في قراءة (سارعوا) وفي قراءة (وسارعوا)، سارعوا سقطت منها الواو فهل يجوز للإنسان أن يسقط حرفا من كتاب الله عز وجل؟ لا يجوز له ذلك. نقول أن هذان وجهان مقروءان من كتاب الله قرأ بهما النبي صلى الله عليه وسلم. في أحد المصاحف "سارعوا" وفي أحدها "وسارعوا" لأن الأصل هو ثبوت القراءة وصار الرسم تبعا لذلك فبدلا أن يكتبوا "سارعوا" في جميع المصاحف ولا يستدل على القراءة الأخرى فكتبوا في بعض المصاحف "سارعوا" وفي بعضها "وسارعوا" هم لما كتبوا المصحف أرادوا عند الكتابة أن تكون محتملة لجميع أوجه القراءات فإذا كانت الكتابة لا تسعف بأن يجمع فيها بين قراءتين جعلوا كل قراءة في مصحف فهذا يتلى في المصحف الكوفي وهذا في المصحف الشامي وبقيت هذه القراءات وهذا يدل على حرص الصحابة على نقل جميع ما جاء إليهم من كلام الله عز وجل دون أن يغيروا فيه. هذه طبعة نادرة ما جاء على وجهين كتب على أحدهما هذه من ظواهر ست تسمى ظواهر الرسم العثماني (سارعوا ووسارعوا) وأيضا (لا يخاف عقباها و ولا يخاف عقباها). الزيادة والحذف من هذه ثابتة لكن عادة في الكلمة مثل "الصراط" قد ترسم بوجه واحد ولكن هذه لا. (تجري من تحتها الأنهار و تجري تحتها الأنهار) (وصى , أوصى). أما النوع الآخر فهم كتبوه برسم والأمر موكول إلى القراءة ومهم أن ينتبه له من يعالج ما تعلق بالرسم حيث أن بعض الأوجه القرائية لا يمكن كتابته. مثل (اهدنا الصراط المستقيم) إشمام الصراط بالصاد أو السراط. فلا يمكن كتابتها فتكتب بوجه واحد لتدل على هذه وعلى تلك.

وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) وهذا من بلاغة النظم القرآني. لما قال {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} قد يقول قائل هؤلاء المحسنون طبقة عالية لا يخطؤون ولا يمر بهم شئ مما يمر ببني آدم من الذنب والمعصية والتجاوز فالله سبحانه وتعالى يقول {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} هم أيضا يذنبون. ما هو بذنب عادي بل فاحشة {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ}. هذه الآية غاية في فتح باب الرجاء لكل مذنب فقال (والذين) لهم هذه الصفات الرائعة للمتقين الذين أعدت لهم جنة عرضها السماوات والأرض والتي أمرك الله أن تسارع إليها مفتوحة للجميع ومع ذلك وصف هؤلاء المتقين الذين يستحقون هذه الجنة التي عرضها السماوات والأرض فقال {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} والفاحشة هي الذنب الفاحش القبيح العظيم ولذلك ذكر الله في سورة الزمر {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)} والإسراف على النفس في المعاصي كأنك مشيت فيها شوطا بعيدا، {لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} وهنا أيضا قال {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً} أي لا تيأس من رحمة الله مهما ارتكبت من الفواحش ومن الذنوب ومن المعاصي. وسبحان الله العظيم في ديننا ليس بينك وبين الله أحد، اتصالك بالرب مباشرة. فأنت مهما أسرفت على نفسك من المعاصي لا تحتاج أن تذهب عند شيخ أو مفتي ولا تتصل بأحد ولا تطلب إذن من أحد وإنما تطلب من الله سبحانه وتعالى. قال {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ} ثم جملة اعتراضية جميلة {وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير