تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ندعو الله بالفرودس الأعلى!

هذا الدعاء موجود أيضاً في أول السورة (الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (16)) وهذا ثاني دعاء في السورة (سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) وهو تأكيد لهذا المعنى. وهذا يدخل في باب المتشابه أيضاً.

نختم قضية التفكر لو أن في أيام الربيع جلس أحدنا تحت ظل شجرة خمس دقائق يجعلها في عبادة التفكر فيما تستطيع عينه أن تقع عليه فهذه ورقة تسقط من الشجرة وهذا هواء يحرك الشجرة أمامه وهذه عشبة تميل على أختها، لاحظ وتأمل كل حركة تعلم يقيناً أن الله سبحانه وتعالى قد قدّره وعلمه بتفاصيله فانظر هل تستطيع أنت بعقلك الصغير أن تحوي هذا العالم الكبير؟! بالطبع لا، أنت لم تستطع وأنت تتأمل بأعلى ما يمكن من التركيز في محيط صغير لا يكاد يُذكر في هذا العالم الكبير فانظر قدرة الله سبحانه وتعالى وعظمته سبحانه وتعالى الذي يطّلع على جميه هذه الأمور ويعلمها بتفاصيلها وليس اليوم ولا الأمس ولكن علمه أزلي لا يمكن أن يخطئه شيء من هذا، هذه بحد ذاتها تعطيك قدرة هذا الرب ةعظمة هذا الرب سبحانه وتعالى.

ومن الأذكار التي ينبغي أن يرددها الإنسان دائماً ونستنبطها من هذه الآية أنه كلما رأى شيئاً يلفت نظره من آيات الله عز وجل أو تجلى له شيئ لم يفطن له من قبل يقول هذه الكلمات (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) لأن هذا مقتضى ما ورد في القرآن وأعلى الأذكار ما ورد في القرآن.

العلم الذي مصدره الوحي، المؤمن المصدق الذي يعرف أن الله سبحانه وتعالى قدّر كل شيء وأن علمه سبحانه وتعالى محيط بكل شيء (يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء (255) البقرة) و (وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (59) الأنعام) هذا أتانا عن طريق الوحي والآن ننظر إلى حالات الكفار والمكذبين إذا قرأنا في كتبهم التي تتحدث عن الاكتشافات في فترات مختلفة لا يؤمنون بالخالق فينسبون كل شيء إلى الطبيعة ولذلك هذه الكتب منزوعة الإيمان (قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ (101) يونس) مهما كثرت الآيات فهي لا تزيد الكفار إلا طغياناً وكفراً.

في قوله (رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (192)) هذا من باب الإطناب يدل على أن الإنسان يتعوذ من شيء يعلمه ويعلم أنه هو الخزي التام، هو لا يتعوذ من شيء بسيط أو سهل وإنما من شيء عظيم في نفسه ولذلك هو يرجو الله سبحانه وتعالى ولذلك الإطناب في هذا المقام مستحب مثل الإطناب في الدعاء لله عز وجل بالمغفرة "اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطأي وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر" كان يمكن أن يقول اللهم اغفر لي ذنبي كله ولكن هذا الإطناب مراد منه الإلحاح والله تعالى يحب من العبد ذلك أن يتذلل له وأن يسأله بصدق ويمعن في السؤال. وهذا يسوقنا إلى فائدة في قوله تعالى (رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ (193)) قال بعض العلماء في الفرق بين المغفرة وتكفير السيئات أن هذا من الإطناب في الدعاء إحداهما تغني عن الأخرى ولكن المؤمن يلح في سؤال الله عز وجل وهذا هو الوجه الأول الذي ذكره الرازي في تفسير هذه الآية وإن كان يبدو أن الفرق بين اغفر لنا ذنوبنا وكفّر عنا سيئاتنا والله أعلم أن مغفرة الذنوب فضل من الله وتكفير السيئات مقابلة الأعمال السيئة بالأعمال الصالحة "الصلوات الخمس ورمضان إلى رمضان والجمعة إلى الجمعة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير