تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يخشون الله (وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ (83) المائدة) يستجيبون الله يثني عليهم وكأنها تعريض وإلماحة إلى الذين نكثوا واستكبروا واستنكفوا أن يؤمنوا:إتقوا الله في أنفسكم" وهذا أيضاً إنصاف لهؤلاء الذين استجابوا وقد سبق الحديث عنها في السورة (لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) آل عمران). وأيضاً فيها فائدة (وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ) ذكر في الآية الأبرار الذين سبقت صفاتهم في هذه السورة.

قال (خَاشِعِينَ لِلّهِ لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً) وصفهم أنهم خاشعين وأنهم لا يشترون، خاشعين الخشوع يدل على صدق القلب وخوف من الرب ولا يشترون أن هذا الخشوع حملهم على أن لا يبيعوا شيئاً أو يشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً كما فعل أهل الكتاب الذين منعهم من الإيمان أنهم ىثروا حظوظهم الدنيوية لأنهم كانت تأتيهم أموال بسبب كونهم قسيسين ورهبان وباباوات، (لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً). ثم ذكر أن هؤلاءلهم الأجر (أُوْلَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ). وهذه الآية فيها فائدة وهي الثناء على أهل الفضل لما فيهم من الفضل من باب تشجيعهم وتثبيتهم. وعندما يأتي مثل هذا الإنصاف في الشريعة، حتى الذي أسلم والذي يريد أن يُسلم ولكنه متردد فيقال له (لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ) قيهم أناس صالحون، أناس صادقون، هذا يساعده فيقول لماذا لا أكون من هذا النوع؟

أيضاً قال (لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً) هل يُفهم من هذه الآية أن الذي يشتري بآيات الله ثمناً ضخماً يخرج منها؟ هذه للدلالة على ذكر الأعلى أو لذكر الواقع الذي وقع من هؤلاء أنهم اشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً. ولو افترضنا أن الدنيا كلها كانت ثمناً للكفر بالله فهذا لا يكفي ولا تساوي الدنيا كلها وهذا كله ثمن قليل ولذلك قال قبلها (مَتَاعٌ قَلِيلٌ) التقلب في البلاد والتمكن منها وملك الدول والحكم كله متاع قليل.

(أُوْلَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ) الملاحظ المخالفة بين الربوبية والألوهية في هذه الصفحة كثيرة، محاولة استخراج الفروق الدقيقة بينها تحتاج إلى تأمل. قال (أُوْلَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ) رد الأجر إلى الربوبية، وقال أجرهم كأن فيه إثبات أن هذا استحقاق لهم. وقال (ثَوَابًا مِّن عِندِ اللّهِ) إشارة إلى فضله عليهم. ثم قال (إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) ما قال إن ربك سريع الحساب كما ذكرنا في قضية التعظيم في جانب الألوهية. ثم جاءت بالألوهية لما ذكر (خَاشِعِينَ لِلّهِ) لما كانت عبادة ذكر خاشعين لله. وقال (لَمَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ) والإيمان مرتبط بالعبودية.

في قوله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) هذا ختام السورة. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ) النداء بوصف الإيمان وقد تكرر كثيراً في سورة البقرة وآل عمران النداء بوصف الإيمان ومعروف ما قيل فيه قديماً وحديثاً ونلاحظ في قوله (رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا) وهذا النداء منه النداءات الموجودة في القرآن الكريم فيه فائدة عدم الخجل من الدعوة إلى الله ونشره فهذا هو منهج الله الذي نزل به شرعه ونزلت به كتبه. نلاحظ لما جاءت هذه الأوامر قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ) وهناك فرق بين الصبر والمصابرة فالصبر هو حبس النفس على طاعة الله عز وجل وعن معصية الله وعلى أقدار الله المؤلمة. المصابرة هي أن يكون أمامك خصم يصبر على ما هو فيه من المعصية فأنت تصابره وهذا يكون في القتال لما يلتقي المؤمنون والكفار، هؤلاء صابرون وهؤلاء صابرون كل واحد منهم يصبر على باطله أو على حقه لكن ينبغي للمؤمن أن يصابر، يغالب هؤلاء فيصبر أكثر من صبرهم. يقول

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير