تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

من لطائف السورة فيما يتعلق بقضية رعايتها وعنايتها بالنساء وذكرت كثيراً من الأحكام التي تتعلق بهن خُتمت السورة بموضوع مرتبط بالنساء وهي آية الكلالة (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (176)).

نزول السورة

نتحدث عن نزول هذه السورة، بإجماع العلماء أنها سورة مدنية. ومن يعرف نزولها والآيات التي وردت فيها وأسباب النزول يجزم بذلك ومن يقرأ السورة يعلم أن موضوعاتها موضوعات مدنية وهذا لم يكن محل إشكال عند أحد من المفسرين فيما نعلم، هي سورة مدنية بإجماع المفسرين.

بعض الذين كتبوا في علوم القرآن يقولون أن السور التي ورد فيها (يا أيها الناس) فهي مكية وهذه فيها (يا أيها الناس) فكيف تقولون أنها مدنية؟ هذه الأشياء التي ذكروها إنما أرادوا بها بيان مواصفات للسور المدنية وليس تحديد أن ما ورد فيه (يا أيها الناس) هي سورة مدنية فيقولون يغلب على السور المكية أن يرد فيها (يا أيها الناس) على (يا أيها الذين آمنوا) والعكس لكن الوصف ذكروه بالتحديد قالوا "كل سورة ذكر فيها (يا ايها الناس) ولم يذكر فيها (يا ايها الذين آمنوا) فهي مكية".وهذه السورة مليئة بـ (يا أيها الذين آمنوا) وكذلك سورة البقرة فهذا الرابط غير مضطرد ولكن هو دلالة تتعرف فيه على السور المكية وهو يدخل في باب الضوابط والسيوطي رحمه الله تعالى جعله قولاً مستقلاً يتكلم عن الأقوال في المكي والمدني وأرى أن هذا ليس بدقيق في تعريف المكي والمدني، هم نظروا للمخاطَب فقالوا ما كان خطاباً لأهل مكة فهو مكي وما كان خطاباً لأهل المدينة فهو مدني، كيف نعرف الخطاب أنه مكي أو مدني؟ قالوا الخطاب الذي فيه (يا أيها الناس) فهو خطاب لأهل مكة ولكن هذا غير مضطرد ولهذا كونه من باب الضوابط أولى من كونه قول مستقل لأن القول أنه قول مستقل ليس دقيقاً. المشكلة أن السيوطي جعله في الضوابط من جهة وجعله قول، القول هو في الحقيقة باعتبار المخاطَب لكنه عندما أراد أن يحدد المخاطَب قال (يا أيها الناس) و (يا أيها الذين آمنوا). لا أظن السيوطي قال:

القول الأول: ما نزل بمكة فهو مكي وما نزل بالمدينة فهو مدني

القول الثاني: ما كان قبل الهجرة مكي وما كان بعد الهجرة مدني،

القول الثالث: ما كان (يا أيها الناس) مكي وما كان (يا أيها الذين آمنوا) مدني

هو يقول ما كان خطاباً لأهل مكة فهو مكي وما كان خطاباً لأهل المدينة فهو مدني لكن عندما أراد أن يحدد الخطاب قال (يا أيها الناس) مكي و (يا أيها الذين آمنوا) مدني، وهذا غير منضبط ويحتاج إلى مراجعة.

السور التي افتتحت بـ (يا أيها الناس) سورتان وقد ذكر فيها الزركشي في البرهان لطيفة جميلة قال: افتتحت سورتان بـ (يا أيها الناس) الأولى سورة النساء والثانية سورة الحج أما الأولى فذكرت ابتداء خلق بني آدم وأما الثنية فقد ذكرت ابتداء القيامة فهذه في ابتداء الدنيا وهذه في ابتداء الآخرة. والغريب أن سورة الحج فيها خلاف هل هي مكية أو مدنية وإن كان الذي يظهر من أسلوبها العام أنها مكية ولكن فيها موضوعات مدنية لكن الحكم بأن تكون مكية أو مدني هذه تحتاج إلى نظر ولعلنا نصل إليه إذا أمد الله في أعمارنا. والعجيب أن فيها ضابطين من الضوابط التي يقولون أنها تبيّن المكّي وهي أنه فيها (يا أيها الناس) وفيها سجدة ولذلك هي مكية وهم يقولون ما كان فيه سجدة فهو مكي وما كان فيه (يا أيها الناس) فهو مكّي وفيها أيضاً في آخرها (يا أيها الذين آمنوا). عائشة رضي الله عنها أشارت في قولها ما نزلت سورة البقرة وآل عمران أو البقرة والنساء إلا وأنا عنده وهذا دليل على أنه صلى الله عليه وسلم لم يبنِ بها إلا بعد أن نزلت هذه السورة ولا شك أن هذه السورة لم تنزل جملة واحدة إنما نزلت ووصفت بأنها سورة النساء وهذا وصفها وتتابع القرآن وأضيف إليها ما أضيف ومما أضيف إليها قوله سبحانه وتعالى (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير