تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وَنِسَاء (1)) فإذن أثبت الله تعالى في هذه الآية أن أصل البشر كلهم نفس واحدة وهو آدم عليه السلام فعلامَ يتفاضل الناس؟ كما قال الشاعر

الناس من جهة التمثال أكفاءُ أبوهم آدم والأم حواء

فإن يكن لهم من أصلهم نسبٌ يفاخرون به فالطين والماء

لكن التفاضل الحقيقي هو بالتقوى. فهنا قال (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا) والمقصود بـ (زوجها) هنا حواء لأن بعض الناس يفهم أن الزوج هو الرجل وإنما الزوج هنا المقصود به المرأة. ولذلك في اللغة يقولون للمرأة والرجل زوج لأن كل واحد منهما مفرد فإذا انضم إليه صاحبه أصبح زوجاً لكن يقولون استخدم الفقهاء بكثرة في كتب الفقه الزوجة في مقابلة الزوج وإلا فهي لغة رديئة أن يقال للمرأة (زوجة). وفي باب الفرائض إذا أرادوا أن يذكروا مسألة فرضية يقولون هلك هالك عن زوجة أو عن زوج يححدون إذا كان ذكراً قالوا زوج وإذا كانت أنثى قالوا زوجة وهذا من باب التفريق عند الفقهاء استخدام اللغة الرديئة.

قال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ) وبعدها قال (وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ) لما جاء في مقام التكليف جاء بالألوهية ولما كان المقام الأول مقام ربوبية قال (ربكم). بعض الفلاسفة الذين عاشوا في ظل الإسلام مثل ابن الطفيل كتب قصة رمزية إسمها "حيّ بن يقظان" حيّ أخذها من حياة ويقظان أخذها من اليقظة، ورسم في هذه القصة أن الإنسان لو قذف في أي مكان وليس عنده أيّ معلِّم فإنه يصل إلى الخالق، هذه النتيجة التي يذكرها في قصة إنسان تُرك وهو طفل رضيع في غابة وأُرضع من قِبَل الحيوانات وكبُر حتى تعّرف على الخالِق لأن غاية ومقصود الفلسفة تصل إلى هذا وهو التعرف على الخالق دون الوحي ودون النبوة لكن مهما كان هذه القضية العقلية لا يُختلف عليها أن الإنسان يصل إلى إثبات الخالق وأن له رباً بالدليل العقلي ويصل إليها بمقدمات ونتائج معروفة لكن كيف يُعبد هذا الخالق هذه لا يصل إليها إلا بالوحي والشرع. ولهذا استنتسخ حيّ بن يقظان الفلسفي إلى صور صارت صوراً بالقصص الممتعة مثل طرزان وماوكلي وهي نفس الفكرة وكثيراً لا يعرفون الأساس الفلسفي لها، ولا شك أنها انتقلت إلى مرحلة إثارة وتشويق المقصد منها أن الإنسان لو جُعِل في بيئة فيها حيوانات سيصبح إنساناً مدركاً وعاقلاً ويستطيع أن يصل إلى معلومات لكن تفاصيل الشرع لا بد فيها من الوحي. وحتى تفاصيل الخلق والاستدلال على الرب سبحانه وتعالى لا يمكن أن تصل إليها بالعقل كما تصل إليها بالوحي، أرسطو عندما يقول أن الكرسي هو الفَلَك التاسع ويتكلمون عن الأفلاك ويسمون الملائكة أفلاك ويحاولون أن يصوروا هذه المخلوقات وهذا الكون العظيم بالعقل وهذا لا يمكن تقرأ كلامهم فتضحك منه لكن عندما تقرأ قول الله سبحانه وتعالى (مَا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (51) الكهف) تضحك من هذه السفسطة ومحاولة إدخال العقل في أمور لا يمكن أن تعرفها إلا عن طريق الوحي، الله سبحانه وتعالى يقول أنه خلق السموات والأرض وكيف خلقها (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30) الأنبياء) هذه تفاصيل لا يمكن أن تصل إليها بالعقل أبداً.

والعجيب في مثل هذا الأمر كون الله سبحانه وتعالى وضّح توضيحاً بيّناً كيف نشأ الإنسان كيف بدأ الإنسان وليس غريباً أن يخرج داروين بنظرية التطور والارتقاء ليس غريباً لأنه لم يتعرف على الإسلام لكن الذين نستغربه أن يكون الإنسان بين يديه هذا الكتاب من ربه ويقرأوه ثم يضلّ الطريق ويذهب إلى مثل هذه الأفكار الرديئة وهذا يعود إلى أمرين: الأول ضعف المتلقي أن المتلقي ضعيف والأمر الثاني قوة المُلقي معنى ذلك أن الكتاب الذي كتبه داروين كان فيه من القوة ومن الشيء الذي يبهر الذي ليس عنده ثقافة دينية ويجعله يقتنع. وقد لا يكون قوة الملقي بقدر ما أعطيت الفكرة من الترويج والحشد مثل كارل ماركس جاء بالفكرة الشيوعية وقامت عليها دولة بالدم والسيف وقتلت من

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير