تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وجه تخطئة المبرِّد للقرآءة: هو قال وقرآءة العامة بالنصب (وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ) يعني واتقوا الأرحام الأرحام مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة على آخره. وقراءة العامّة يقصد بها قرآءة بقية القراء وليس عامة الناس، قرآءة العامة يعني قرآءة الجمهور. حمزة الكوفي خالف القراء وقرأ (وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامِ) بالجرّ فقالوا وجه التخطئة "كيف يا حمزة تعطف ظاهراً على مُضمر؟ " يعني واتقوا اللهَ الذي تساءلون به (الهاء في (به) يعتبر ضمير فعطف عليه إسم ظاهر فقالوا هذا خطأ وهذه القرآءة مردودة. ويقولون العرب لا تعطف إسماً ظاهراً على مُضمر، فعندما قال (وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامِ) عطف كلمة الأرحامِ وهي ظاهرة على الضمير الذي هو الهاء في (به) هذا هو الخطأ لكن لما تتبع لغة العرب تجد أنها استخدمت هذا الأسلوب. معناها أن المبرِّد حكم بحسب علمه وبما رأى وهو كان إمام اللغة في عصره لكنه فات عليه كثير من الشواهد الشعرية التي عطفت فيها العرب الظاهر على المضمر ولو رآها المبرِّد لرجع لأنه رجّأع وأوّاب

إبن عاشور وهو يعترض على المبرِّد قال: يقول المبرِّد " لو قرأ الإمام بهذه القرآءة لتأبطت نعلي وخرجت من الصلاة" وهذا من ضيق العطن وغرور بأن العربية منحصرة فيما يعلمه ولقد أصاب ابن مالك في تجويزه العطف على المجرور بدون إعادة الجرّ. وإبن مالك من أكثر من أورد الشواهد ولذلك يتهمونه بأنه يصنع الشواهد وأنه يأتي بشواهد لا يعرفها المتقدمون من النُحاة ونحن نبرّئ ابن مالك من مثل هذا لكنه كان رجلاً واسع الإطلاع وقد ذكر هذا ألفيته

وحجّتي قراءة ابن عامر وكم لها من عاضدٍ وناصر

العربية واسعة سعة لا يمكن أن يحيط بها أحد كما قال الشافعي العربية لا يحيط بها إلا نبي. وعليه فمتوقع أن يحدث من هؤلاء الأئمة رغم إطلاعهم في العربية أن يندّ عنه كثير. الإمام الطبري على سعة اطلاعه كان ينكر بعض القواعد الإعرابية بهذه الحجة. محمد عبد الخالق عضيمي رحمة الله عليه في كتابه "دراسات في أسلوب القرآن الكريم" الذي أخذ عليه جائزة الملك فيصل عام 1401 هـ العجيب هذا الرجل في كل قضية من قضايا اللغة التي قيل فيها ضعيف أو شاذ أو قليل أو نادر أو منكر أو غيرها من العبارات التي يُحكم فيها على أسلوب معين بأنه لا يمكن أن يكون في العربية بدأ يتتبّع الشواهد من القرآءات القرآنية ويستخرج أحياناً على القضية التي قيل فيها شاذ أحياناً 25 موطن ومثال في القرآن أنه قرئ به ويقول كيف يُحكم عليه بالشذوذ وقد ورد في أفصح كلام وأيضاً ورد في 25 موطناً في القرآن؟!

هذا يعيدنا إلى القضية الاستقرائية وخصوصاً في اللغة العربية وأنك تضع شيئاً معيناً نصب عينيك وتدخل إلى العلم العربية وأنت لا تريد شيئاً غيره تبحث. وأذكر في الصف الأول في الكلية فجاءنا قضية الكلمات التي بنيت على الفعل المبني للمجهول لا يُعرف لها المبني للمعلوم، هناك عدد من الكلمات العربية تُعرف بالمبني للمجهول فيقول صاحب الكتاب "وهذه كلمات في لغة العرب لا تتجاوز الخمس أو العشر" وذكر نماذج، يقول تتبعتها في العربية فأخرجت من لسان العرب أكثر من سبعين كلمة. وهذا يدل على أن قضية الاستقراء مسألة مهمة للخروج بنتائج صحيحة ومنضبطة لأن العالِم لا يضع خاطره في شيء معين فيندّ عنه كثير.

الختام في قول الله عز وجل (إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) هذا الختام مناسب جداً للمعنى الذي ورد في الآية وهو التقوى (اتَّقُواْ رَبَّكُمُ) (وَاتَّقُواْ اللّهَ) وقضية صلة الأرحام فالتقوى يحتاج التأكيد عليها أن يقال لك هناك رقابة عليك لأن التقوى داخلية والنبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر قضية التقوى أشار إلى صدره، يعني محل التقوى القلب، فأساسها قلبي فإذن حتى يُخوّف العبد ليلتزم هذه التقوى ويقوم بها فلا بد أن يقال له هناك رقابة من الله سبحانه وتعالى والله يراقبك ومطلّع عليك في سرّك وعلانيتك في ليلك ونهارك في كل حال من أحوالك لن تغيب عن نظر الله سبحانه وتعالى في أي حال من الأحوال وهذا الذي يحدو الإنسان على التقوى، لأن الآن قد تتقي أمام الناس أو أمام المصلين أو أمام طلابك أو أمام من تخافه أو تخشاه لكن إذا كنت في خلوة من

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير