تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قال تعالى (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء (3)) النكاح هنا يراد به الزواج وقد يرد النكاح بمعنى الوطء، وقف العلماء عند (ما) مع أن الذين يتحدث عنهم من العقلاء (مَنْ للعاقل وما لغير العاقل في الأكثر) فمجيء (ما طاب) يحتاج لنظر فقالوا (ما طاب) بمعنى الطيب وهي في موطنها للصفة وليست للذات لكن بعض العلماء فهم أنها جاءت للذات فقال لِمَ عُبِّر عن (ما) هنا بدل (من)؟ فنقول أن (ما) هنا جاءت في مكانها لأن التعبير هنا بمعنى الطيب أي انكحوا الطيب والطيب حال وصفة وليست ذات فجاءت (ما) في مكانها. وفي هذه الآية مشروعية البحث عن الطيب من النساء بمعنى أن يجتهد الإنسان لنفسه في ذلك فلا يلام الإنسان في بحثه عن المرأة ذات الدين والجمال والمنصب ونحو ذلك لأن هذا كله من الطيب المطلوب بحسب أذواق الناس ولذلك هي تركت مطلقة مفتوحة فما يطيب لك قد لا يطيب لآخر. وأنت عليك أن تجتهد في هذا الأمر ولا تلام وعليك أن تسال وتتحقق هذه المرأة كيف صفتها كيف إخوانها كيف أخواتها كيف طولها كيف شعرها لأنك تبحث عن الطيب والله أمرك أن تبحث عن الطيب وإن كان البعض قد بالغ في هذه المسألة بحيث أنه لا يجد ذلك البشر لأنه يبحث عن صفات كاملة. ومن باب الفائدة رأيت أن أكثر المتشددين هم الذين يبتلون فعليك أن تجتهد وتتوكل على الله.

(وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ) قد يُفهم من هذه الآية فأن يها إتاحة الفرصة للرجل أن يختار ما يشاء وليس هناك خيار للمرأة في هذا السياق في حين أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أنه لا تنكح البكر حتى تُستأمر فهناك المرأة تملك أن تقبل أو لا تقبل لكن ليس من عادة المرأة أن تخرج وتبحث عن الرجل ليخطبها وهذا من تكريم المرأة أنها دائماً مطلوبة وليست طالبة. هنا ذكر الله أن الرجل يبحث عما يطيب له والمرأة من حقها أن تقبل أو لا تقبل وهذا لا شك أنه تكريم.

والسؤال الذي يقع لماذا أبيح للرجال التعدد ولم يبح للنساء؟ أو لماذا لم يكن الزواج بواحدة فقط؟ لا شك أن دراسة مثل هذه الموضوعات مع الجانب الشرعي تحتاج إلى من عنده عقل ولديه قدرة على الاحتجاج. وقد دعت بعض النساء أن تتزوج المرأة بأكثر من رجل وهذا من الغفلة في جميع الشرائع هذا لا يوجد، هذه غفلة عن أمر أصله في العقل وهذا قد حصل من أحد أساليب البغايا الذي كان في الجاهلية أن المرأة تعرض نفسها على أكثر من رجل فإذا جاء الولد تختار هي الرجل الذي تنسب إليه الولد، تجمعهم ثم تقول لهم يا فلان أنت أبوه، هذا ليس نكاحاً وإنما من السفاح وهو ليس من صور النكاح الشائعة المعروفة. نحن نحتاج إلى العقل وبعض الحجج العقلية لتزيل هذه المشكلة عند الذي عنده شبهة في هذا الأمر. وهناك دراسات في هذا الجانب منها قدرة الرجل على التعامل مع أكثر من امرأة وعدم قدرة المرأة على التعامل مع أكثر من رجل. ومن الناحية الطبية أفاد بها الدكتور عبد المحسن المطيري أنه خلال العلاقة بين الرجل والمرأة ودخول جسم غريب إلى جسم المرأة فالمرأة تكون مع الأيام مطهِّر خاص لما يأتيها من الرجل بحيث تعقم المكان تماماً وهذا يأتي مع الأيام ويتأقلم هذا المطهِّر مع الرجل وحده ولذلك يقول البغايا من أشنع من يرى منهن أنهن ذوات روائح منتنة جداً. ويذكر الدكتور عبد المحسن أن رجلاً أراد أن يدخل على بغيّ في فندق -نسأل الله السلامة - فلما دخل الغرفة فإذا برائحة مثل رائحة البالوعة فقال أخذت الفوطة من أول الغرفة ووضعها على أنفه. وهذا أمر معروف عند البغايا لأن هذا الرجل يأتي ويأتي غيره وغيره وكل واحد يأتيها فتجتمع أوساخ وقاذورات هؤلاء الرجل فيها فيصبح الجسم يضطرب ولا يعرف ماذا يعقِّم لأن المعقّم لرجل واحد يحتاج لفترة حتى يتأقلم مع هذا الجسم. وهذا يبين لنا الحكمة العظيمة في هذا التشريع الرباني المتسق مع العقل والفطرة واتفقت عليه الأديان كلها والله تعالى سبحانه هو الذي خلق وهو أدرى بهذه الأمور ولذلك من بداية السورة (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا (1)) فالخالق هو الذي يرتب هذه الأمور

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير