تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. الشِّهري: طبعاً اليُتم هذه الصِّفة مأخوذة من الانفراد كَما يقولون في اللُّغة، دُرّةٌ يتيمة، أنَّ اليُتم في اللُّغة هو الانفراد فكأنَّ اليتيم بعد أن ماتَ والده أصبح منفرداً من المُعين والنَّصير ممَّا احتاج معه أن يكون له وليِّ يُشرِف على تَربيته ويُشرِف على تنميةِ ماله. فالله سبحانه وتعالى يُخاطِب الأوصياء في هذه الآية، وفِعلاً في البداية بالحديث عن اليَتامى إشارة إلى مدى حاجتهم إلى الرِّعاية وإلى العطف وإلى الحنَّان، وإشارة إلى أنّه ينبغي على المجتمع المسلم أن يكون لهذه الفئة من فِئاته عِناية خاصَّة، فقد قدَّم الحديث عن الَيتامى في هذه السُّورة التي هي سورة الحقوق، فتحدّث في أوَّلها عن الَيتيم وأيضاً تذكرون في سورة الضُّحى عندما نصَّ الله سبحانه وتعالى على حقِّ اليتيم في قوله سبحانه وتعالى (فأمَّا اليتيم فلا تقهر * وأمَّا السَّائل فلا تنهر* وأمّا بنعمة ربِّك فحدِّث). وتعلمون أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نفُسه كان يتيماً عليه الصَّلاة والسّلام، فَهُنا تذكير عندما نزلت عليه هذه الآيات، تذكير للنَّبي صلى الله عليه وسلّم ولأمته من بعده، بالعِناية بهذه الفئة التي كانَ النَّبي صلى الله عليه وسلم منها والعناية بها، فلذلك فهذه الآية أصل في حُقوق الأيتام ورعاية الأيتام وكفالة الأيتام والذِّي يَتأمل النُّصوص التي وردت في القرآن الكريم في شأن اليتامى وفي السُنَّة النَّبوية يجد أنّ الإسلام قد أعطى هذه الفئة عناية خاصّة فعلاً.

د. الخضيري: في قوله (وآتوا اليتامى أموالهم) إذا كانت هذه العناية بأموالهم، كيف تكون تلك الِعناية بهم هم؟ وهذا الحقيقة ملمَح رائع جِدّا في الآية، وهو أنَّه إذا كان الرَّب سبحانه وتعالى قد جعل لأموالهم من الحقّ في الرِّعاية والحِفظ والتَّنمية ما جعله، وأيضاً في تسليم هذا المال لهم عندما يُؤنَس منهم الرُّشد دلالة على أنّه يجب العناية بهم هم أيضاً إذا كان هذا لأموالهم، وأيضاً نَسَب المال إليهم قال (أموالهم) دلالة على أنّها حقّ لهم، وأن المال لا ينتقل بسبب وفاة أبيهم إلى وليِّهم كما كان أهل الجَّاهلية يفعلون، فهو يَضُّم مال اليتيم إلى ماله، فإذا وقع على ماله شيء جعله في مال اليتيم ويستبدل طبعاً كما في هذه الآية

د. الشِّهري: ما معنى الخبيث في الآية؟.

د. الخضيري: الخَبيث من المال يعني الرَّدِيء والسَّيء فإذا كان هناك قد خَلَط مال اليتيم بماله، وكانت عنده غَنمٌ مهازيل وغَنمٌ طيِّبة قال غَنم بغنم، فجعل الغَنم الطيِّبة له، وجعل المهازيل لليتيم وقال اسمُ الغَنَم واقع على الأمرين وجَعلها من حظِّ اليتيم وقهره بهذا.

د. الطيّار: هناك مبحث هنا يلوحُ لي، وهو أنّنا إذا لاحظنا السُّور المكيِّة التي تحدّثت عن اليتيم مثل لمّا قال (فأمَّا اليتيم فلا تقهر) في حقِّ النبي صلى الله عليه وسلم، (أرأيتَ الذِّي يُكَذّبُ بالدِّين * فذَلك الذِّي يَدُّع اليتيم)

د. الخضيري: أوّل وصف من أوصاف هذا المُكذّب بالدِّين أنّه يدُّع اليتيم أيّ أنّه يقهره ويدفعه عن حقِّه،

د. الطيار: وهذا يبدو أنَّه كانَ متأصِّلاً في العادات الجاهلية عدم احترام اليتيم، وأنَّه لا يُؤبه له أحد وأنّه ضعيف وأنَّ حقَّه يُؤكل، فلمَّا جاء القرآن المَكيِّ سنُلاحظ أنَّ أغلب القرآن المكيّ يُنبِّه على هذا الوَصف السَّيء في هذا المجتمع الكَافر، وفي القرآن المدني أسَّس للأحكام وأنَا أقول هذا محل بحث. وكذلك في قضيِّة النِّساء لو نظرنا إلى موضوع النِّساء في القرآن المكيِّ، وموضوع النِّساء في القرآن المدني سنجد كما هي العادة الغالبة، أنَّ التَّفاصيل تأتي في القرآن المدني مثل هذه السُّورة التي عندنا وسيَأتينا تفصيل في قضِّية إيتاء المال لليتيم، فالقرآن المكِّي غير هذه الآية التي بين يدينا وإنّما هنا الآن أمر مطلق (وآتوا اليتامى أموالهم - ولا تتبدَّلوا الخبيثَ بالطيِّب - ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم). طبعاً لاحِظ (آتوا) هذا فعل أمر، (ولا) هذه نهي وهي مساوية للأمر، يعني الأمر مقابل النَّهي يعني كأنّه قال أعطوهم الطيِّب وكأنَّه يقول أعطوهم مالهم كاملاً، لكنَّه جَاء بصيغة النّهي (لا تتبدَّلوا) - (لاتأكلوا) فالذِّي أقصده أنّه يمكن أن يُنظر في البحث في تدَّرج الشَّريعة في التَّعامل مع هذه الفِئة الضّعيفة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير