معانيها التي تستخدمها العرب فزادت معرفته بدِلالة هذه اللَّفظة.
د. الخضيري: وما دلالة التنكير يا دكتور مساعد في موضوع (إنَّه كان حُوباً) ثمَّ وَصف هذا التنكير بقوله كبيراً؟
د. الطيّار: طبعاً هو التَّنكير هنا للتَّعظيم والتَّفضيل، ولهذا لما ساق الآية جرى على هذا ولهذا وَصَف الحُوب بأنه كبير، كفاية أنّه يوُصف بأنّه حوب فضلاً على وصفه بأنَّه كبير وهذا دِلالة على تشنيع أكل مال اليتيم بالباطل.
د. الخضيري: وهذا مثل ما يأتي أيضاً في مواطن اخرى، مثل (وأعَدَّ له عذاباً عظيماً) (ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجراً عظيما) هذا التنكير للدَّلالة على التعظيم والتفخيم وتكبير الشيء
د. الطيّار: إن تكَّرمت ملحظ أخير، في اللِّقاء السَّابق نبَّهنا في آخر اللقاء على ما يُسمى بـ "الإظهار في مقام الإضمار"، (واتقوا الله الذّي تساءلون به والأرحام إنَّ الله كان عليكم رقيباً)، ولم يقل (إنّه كان عليكم رقيباً) هنا جاء الإضمار في مكانه في الآية الثانية قال (ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنَّه كان حُوباً كبيراً) يعني (إنَّه) ما سبق الذي هو التبدّل والأكل، و لا تتبدَّلوا ولا تأكلوا إنَّه أي إنَّ هذا وهذا إن فعلتموه أو فعلتم أحدهماكان حُوباً كبيراً.
د. الخِضيري: وصار الضَّمير هنا أدّى دوره في الاختصار، وفي شمُول كل ما تقدَّم في قضِّية (حوباً كبيراً).
د. الشِّهري: تُلاحِظونَ أنَّه بدأ في أوّل الآية باليَتامى مُطلقاً (وآتوا اليتامى أموالهم) يدخل فيها اليتامى من الرِّجال ومن النِّساء، من الذكور والإناث، ثمّ جَاءَ في الآية التي بعدها (وإن خفتم ألا تُقسطوا في اليتامى) هذا المقصود به اليتيمات فخَصَّص، والحقيقة أنَّه اجتمع فيها وصف اليُتم وكونها امرأة، والنِّساء لهم حقوق خاصَّة لأنَّهنَّ من الضُّعفاء، واليتامى لهم حقوق خاصَّة لأنَّهم من الضعفاء، فإذا اجتمع اليُتم في المراة أصبح حقُّها أعظم، والحاجة إلى رِعايتها أكبر، وإلى صيانتها، فجاءت الآية الثانية في تخصيص هذه الفئة
د. الخضيري: هذه الآية، الحقيقة تُشكل على كثير من النّاس ومنهم واحد قبل أسبوع سألني، قال لي ما علاقة قوله الله عزّوجل (وإن خفتم ألا تُقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النِّساء) هذا طبعاً يجعلنا نتحدّث عن أهمية معرفة أسباب النُّزول، لأن سبب النُّزول هو الذّي يحلُّ هذه المشكلة، وإلا والله أعلم قد لا يهتدي الإنسان إلى معناها أو لا يهتدي إلى أن يصل إلى حل ِّ شَافِي إلا بمعرفة سبب نزول هذه الآية، ماذا عندكم يا أبا عبدالملك في هذا الموضوع؟
د. الطيَّار: طبعاً كما هو معلوم في قوله (وإن خفتم ألا تُقسطوا في اليتامى) تكون اليتيمة عند الرَّجل فيخشى ألا يعدل معها، يكون وليِّاً لها،فقد تكون هذه اليتيمة دميمة فلا يُريد الزّواج منها فيحبِسها رجاءَ مَالِها، أو قد تكون جميلة فيعكس الأمر فيتزَّوجها رغبةً بها لكنّه لا يعدل معها في مهرها، ولا يعطيها حقّها من المهر.
د. الخضيري: لا من المهر ولا من النَّفقة، بحكم أنَّه هو الذي ربَّاها وقام عليها وأحسن إليها وليس لها وليٌّ غيره فهو لا يُقسِط معها.
د. الطيّار: نعم، ولهذا تأتي لأنّه كثير ما يقع السُّؤال ما علاقة هذه بهذه؟ فإذا عُرِفَ سبب النُّزول في مثل هذا فإنّه يتضح معناه (فإن خِفتم ألاَّ تُقسطوا في اليتامى) في شأن الزواج.
د. الخضيري: فتزَّوجوا من سائر النِّساء فقد وسَّع الله عليكم
د. الطيّار: نعم نعم، ولهذا نقول مهم جدّا التنبّه لمثل هذا وأنَّ هذا لا يُمكن أن يُعلم أيّ سبب النُّزول إلاّ من جهة أصحاب المشاهدة.
د. الخضيري: هنا سؤال دكتور عبدالرَّحمن في قوله (وإن خفتم ألا تُقسطوا في اليتامى) طبعاً العُلماء يُفسِّرونها يقولون خفتم هنا بمعنى علمتم، لكن الحقيقة ليست هي بمعنى علمتم بهذه الدِّقة، فهل من تعليق في هذا؟
¥