وجل عنه، يعني هذه اليد وُضعت عِندنا في الإسلام وهي من جسمك جزءٌ منك وُضِعت للأشياء الدنيئة، وهذه اليد اليُمنى وُضعت للأشياء الكريمة، تصوَّر لأيّ درجة من درجات الذّوق وما يُسَمَّى بالإتيكيت وهذا شيءٌ يغيب عن ذِهن هؤلاء بل ولا يُبالون به، بل ولا يُعيرونه أدنى انتباه.
لعلنا نصل إلى قول الله عزّ وجل (ذلك أدنى ألاَ تعولوا)، معنى (تعولوا) يا دكتور مساعد؟
د. الطيَّار: تعولوا يمعنى تجوروا، من عال الميزان إذا مال، فألا تميلوا ألا تجوروا، وهذا هو المعنى المشهور في اللَّفظة، والشَّافعي وقبله زيد بن أسلم كان لهم رأي آخر تعولوا بمعنى تكثُر عيالكم من العيلة وكأنّهم نظروا إلى سببٍ من أسباب الميل والجور وهو كثرة العيال، فهل هم فسَّروا اللَّفظة على أنَّ هذا هو المراد منها في لغة العرب، أو أنّهم أرادوا أن يُنبِّهوا إلى سبب من أسباب الميل والجور؟ لذلك والله أعلم أنّه الثَّاني، فإذا كان الثاني فهذا يدل على دِقَّةٍ في فقه هذه الألفاظ القرآنية، وهنا لما اتجّه بعض المفسِّرين إلى بيان المعنى، الأصل هم أرادو أن يُبيِّنوا إلى أحد أسباب ما يقع في هذا الأصل وهو أنّ كثرة العِيال سبب في الميل والجَور، يعني كأنّ ألا تعولوا أي ألا تكثُر عيالكم فتَمِيلوا وتجوروا، فيكون من فسَّرَها بهذا التفسير وهو زيد بن أسلم والشَّافعي لا يعني أنّه لا يثبت المعنى الأصل بل يُثبت المعنى الأصل، وأراد ان ينبِّه إلى زيادة على المعنى الأصل.
د. الخضيري: لكن قد يَرُد على هذا والله أعلم الآية نفسها، لمّا قال (فواحِدةً أو ما ملكتم أيمانكم) لمّا أطلق في قوله ملك اليمين، والإطلاق فيه يدل على كثرة العيال، إذاً فلزم أن نقول بما قال به جمهور السَّلف ممن قولهم (ألا تعولوا) أيّ ألا تميلوا.
د. الشِّهري: المعنى الذي قال به الشَّافعي هو المضمون به أن يفهم هذا الفهم، لأنَّ الشافعي عالم كبير جِدّاً باللُّغة، وأيضاً زيد بن أسلم دقيق في الفَّهم، فالمعنى الذي ذكرت صحيح.
د. الخضيري: هذه الكلمة يا دكتور عبدالرحمن لعلَّنا نبدأ بها في الحلقة القادمة، ونُفيض في تفصيلها، الحقيقة مشاهدينا الكرام كان الحديث ماتعاً مع الشَّيخين الفاضلين نرجو أن ينفعنا الله بما تحدّثنا به وأخذناه من هذه الآيات الكريمة، إلى لقاء والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بُثّت الحلقة بتاريخ 3 رمضان 1431 هـ
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[05 Oct 2010, 01:49 م]ـ
الحلقة الرابعة
تأملات في سورة النساء الآيتين 4 - 5
د. الخضيري: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. مشاهدي الكرام هذا هو المجلس الرابع من مجالس سورة النساء نسأل الله أن ينفعنا بما فيها من العظات والعبر والدروس والأحكام والحكم ومعي في هذا المجلس مشايخ فضلاء الدكتور مساعد الطيار والدكتور عبد الرحمن الشهري الأستاذين بجامعة الملك سعود.مشاهدي الكرام كنا انتهينا من قول الله عز وجل (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا (3)) قبل أن نلج إلى الآيات الأخرى ونتحدث عنها ينبغي لنا أن نستمع إلى هذه الآيات، إلى تلاوتها ونسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا بها.
الآيات:
(وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (4) وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (5))
د. الخضيري: مشاهدي الكرام بعد أن استمعنا إلى هذه الآيات الكريم نحاول أن نلقي الضوء عليها. قبل أن نبدأ فيها كنا قد انتهينا إلى مبحث دقيق في ختام قول الله عز وجل (ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا) وبيّنا أن الإمام الشافعي رحمه الله قال (ذلك أدنى أن لا تكثر عيالكم) فالحقيقة كان للدكتور مساعد تعليق حول هذه الآية أرجو منه أن يعيده.
¥