د. مساعد: نعم، قوله ذلك أدنى بمعنى أقرب، (أَلَّا تَعُولُوا) أن لاتميلوا وتجوروا، هذا هو المعنى الأصل لمعنى تعولوا عال يعول بمعنى مال. والشافعي رحمه الله تعالى ذهب وذهب بهذا زيد بن أسلم رحمه الله من التابعين ذهب بها إلى معنى العيلة لا تفتقروا بسبب كثرة العيال. فهم نظروا إلى أحد أسباب الميل وهو العيلة وكثرة العيال فبسبب كثرة العيال يقع الميل والجور. وهذا الأسلوب أسلوب معروف عند المفسرين وهو الإشارة إلى بعض الدقائق التى لايلتفت إليها بسبب النظر إلى المعنى الأصل وهو يعرف بتفسير السبب أو بالمسبب أو باللازم أو بجزء المعنى وكل هذا يقع في التفسير وهو من فقه التفسير لأنهم أرادوا أن ينبهوا على معنى قد يخفى بسبب النظر إلى أصل اللفظ دون الأسباب. طبعًا من أمثلته لو أردنا أن نمثل لكي نكون أكثر وضوحًا في هذا المنهج ابن جُريج المكي لما جاء إلى قول الله سبحانه وتعالى يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم قال يمتهنوهن ويجعلوهن في الخدمة يعني يكون رقيقًا. لو تأملنا الآن يستحيون نساءكم معناه يسترقون نساءكم يجعلونهن أرقاء؟ الجواب:لا، لأن هذا ليس معنى هذا، لكن واضح من الآية إشارة إلى المعنى الذي ذكره ابن جُريج وهو يستحيون نساءكم فقابل النساء بالأولاد، يذبحون أبناءكم ما قال يستحيون فتياتكم أو بناتكم إنما قال نساءكم إشارة إلى أنهن يُستحيين ليكبرن فيكن في المهنة والخدمة فيكنّ كالرقيق فعبّر باللازم فلا شك أن هذا من فقه النص وأن هذه الإدراكات الخفية عند السلف مما يخفى على من بعض من ينظر إلى تفسيراتهم بالمطابق كذا معناه في اللغة كذا.
د. الخضيري: وهذا يعني أن الإنسان إذا قرأ في تفسير السلف ينبغي له أن لايتعجل بالتخطئة قبل أن يدرك المعنى ومسبباته ولوازمه وما يتصل به حتى يحكم حكمًا صادقًا على كلمة هذا الإمام من أئمة السلف بأنها صحيحة أو خاطئة.
د. مساعد: نعرف أن هذا أسلوب من أساليبهم طبعًا أتعجب من الإمام الطبري رحمه الله لما تعرض لتفسير ابن جُريج قال هذا لايعلم في عربية ولاعجمية واعترض على ابن جُريج اعتراضًا شديدًا مع أنه هو رحمه الله في مواطن كثيرة نبه على أن هذا أسلوب من أساليب المفسرين.
د. الخضيري: لكنها تحتاج إلى دقة في الفهم وبعد في النظر تجعل الإنسان يحمل الكلام على المعنى الذي أراده به ذلك التابعي أو الصحابي.
د. مساعد: صحيح الربط بين المعنيين لا شك يحتاج إلى بصر.
د. الخضيري: ننتقل بعد ذلك إلى الآية التى تليها وهي قول الله عز وجل.
د. مساعد: (وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (4))
د. عبد الرحمن: نلاحظ الآن الترتيب نلاحظ أنه جاء بالمقدمة في بيان عام بأداء الحقوق (يا أيها الناس اتقوا ربكم) إلى آخره، ثم جاء بحديث عن اليتامى من الذكور والإناث ثم خصص اليتامى من الإناث بالآية ثم جاء الآن إلى النساء
د. الخضيري: بعد أن ذكرهن في الآية السابقة
د. عبد الرحمن:ذكر جزءًا منهن وهم اليتيمات منهن
د. الخضيري: لا، هذه اليتيمات. لكن ذكر النساء فقال (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ) لما ذكر (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ) بيّن أنه إذا نكحتموهن فهنا يأتي موضوع
د. عبد الرحمن: الحقوق (وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً). لكن أريد قبل أن نتحدث عن هذه الآية أن نشير إلى معنى جميل في الآية التى قبلها في قوله سبحانه وتعالى (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى) أن هنا يعني الله سبحانه وتعالى يقول أن مجرد الخوف من عدم القسط أباح للولي أن يتزوج اثنتين ثلاث أربع كل هذا إكرام لهذه اليتيمة، فهو هنا يقول إذا كان الواحد يعرف من نفسه أنه لايستطيع أن يعدل أو ظنّ فإنه لا يجوز له أن يُقدم لأنه سيدخل في ظلم للمرأة وهذا لاحظوا الآن التعبير بالخوف فيه حفظ في الموضع الأول لحق اليتيمة إذا كنت أنت خائفًا من حق اليتيمة لو تزوجتها من أجل هذا الخوف ورعاية حق هذه اليتيمة أباح الله لك خذ اثنتين وثلاث وأربع لاحظت؟!
د. الخضيري: نعم.
¥