السفه هنا في هذه الآية علامته عدم إحسان التصرف قد يكون هذا من طفل صغير أو من امرأة صغيرة أو يكون من واحد كبير لكنه سفيه عمره يمكن ستين سنة لكنه سفيه ينفق الأموال في غير وجهها. هنا تأتي تحميل المجتمع مسؤولية الأخذ على يد هؤلاء والحجر على السفهاء ومنعهم من إساءة التصرف بحيث يضر بالمجتمع وهذا يقع كثيرًا الآن ولهذا قال (وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً) وأن المجتمع لايقوم إلا بالمال وكل من يعبث به ولو كان يملكه فهو يعبث بالإقتصاد العام الذي يستدعي التدخل من المجتمع للحجر على السفيه وهذا مبدأ في الإسلام وهو الحجر على السفهاء عندما يظهر من السفيه وإن كان يتصرف في ماله إلا أنه يتدخل في مثل هذه الحالة ويحجر على السفيه ويمنع من إساءة استخدام ماله.
د. الخضيري: الحجر عند الفقهاء طبعًا على نوعين:
1ـ حجر لحظ النفس.
2ـ وحجر لحظ الغير.
الحجر لحظ النفس هو أن يحجر على الإنسان في التصرف في ماله لئلا يفسده فهذا يسمى حجر على النفس بمعنى أن يحفظ له ماله كالحجر على الصغير وغير الرشيد في التصرفات المالية.
وحجر لحظ الغير هو أن يكون الإنسان قد تراكمت عليه الديون ولا تسدد موجوداته بديونه لا تفي بهذه الديون ويأتي الدائنون ليطالبوا بالمال فهنا يحجر عليه بمعنى أنه ما يتصرف في المال لئلا يضر ببعض الدائنين دون بعض يعني يؤثر بعضهم على بعض لمكانته أو قربه أو غير ذلك يحجر عليه ويأتي الحاكم أو القاضي ويقسم هذا المال بين الغرماء كل بحسبه، هذه أنواع الحجر.
السؤال هنا يا شيخ مساعد (وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ) هل المعنى لا تؤتوا السفهاء أموالكم أم أموالهم وسماها أموالكم؟ لأنكم تشرفون عليها؟
د. مساعد: وهذا الظاهر (وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ) هي تحتمل أهم شيء الصفة الأخرى (التى جعل الله لكم قيامًا) يعني أنتم تقومون عليها بالحفظ والصيانة. فهذا الذي تقومون عليه بالحفظ والصيانة مخالف له أن تعطوه السفهاء لأنهم سيعملون بها خلاف ما هو مطلوب منكم من حفظها.
د. الخضيري: إذن يصح في الآية فيما يظهر من الحكمة التي ذكرت أن يقول ولا تؤتوا السفهاء أموالكم أنتم فيضيعوها وحرام عليكم أن تدعوها
د. مساعد:فهو نوع من التبذير أو الضياع.
د. الخضيري: أو أموالهم هم وجعلها أموالًا لكم لأنكم أنتم تحميلكم مسؤولية إدارتها.
د. مساعد: وتحفيز على الحفظ كأنها أموالكم ولهذا لاحظ (وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا) أصل مادتها باقية وهم يرزقون فيها كأن المقصود يدور ويتاجر به وينمّى ويكون الرزق فيه لا منه، ليس مستقطعًا منه وإنما كأنه جزء من المال.
د. الخضيري: لاحظ قول الله تعالى (وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ {8}) لأنه من أصل المال يقتطع منه أما هذا كأنه حث للأولياء على أن لايجمدوا هذه الأموال فليعملوا فيها حتى يرزق هؤلاء فيها في هذه الأموال ولا يقتطع منها.
د. مساعد: ولهذا من الفوائد الانتباه إلى الضمائر وكما كنا ندعو دائمًا لو أن قارئًا أخذ هذه الصفحة وبدأ ينظر إلى الضمائر فقط من بداية الصفحة (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ) إلى (حسيبًا) نهاية الآية رقم ستة ويتأمل في الضمائر وعود الضمير سيجد سبحان الله مفاجأة أن الضمائر كثيرة جدًا يعني يمكن أنا الآن لا أعرف كم ضميرًا في هذه الصفحة لكن يمكن أقول حدسًا أنها تتجاوز عشرين ضميرًا في هذه الصفحة، معنى هذا أن الضمائر كثيرة جدًا جدًا ولهذا كان من أكثر علماء التفسير عناية بالضمير ـ فيما أعلم الآن ـ إثنان الطاهر بن عاشور من المتأخرين والطبري من المتقدمين العناية بمرجع الضمير وهذا أمر مهم جدًا لماذا؟ لأنه لاحظ الآن بعض الأحيان تأتي مخالفات في الضمير (َكلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ {11}) وقال (فَمَن شَاء ذَكَرَهُ {12})) ولم يقل (ذكرها) فما العلاقة بين الضمير المؤنت والضمير المذكر؟
¥