د. عبد الرحمن: الآية التى بعدها يا مشايخ (وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ) تلاحظون في الآية التى قبلها أنه جاء فيها النهي (وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً) ثم ختمها بالأمر (وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا) ثم جاء الأمر (وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ) أولًا هنا لما جاء ذكر اليتامى (وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى) فيه دلالة على أنه السفهاء في الآية التى قبلها يدخل فيه السفيه ويدخل فيه غيره ممن اتصف بصفة السفه يعني الله لم يقل ولاتؤتوا اليتامى أموالكم وإنما قال (ولاتؤتوا السفهاء أموالكم) فيه إشارة إلى أن الصفة التى جعلت أو التي أدت إلى المنع هي صفة السفه وليس صفة اليتم أليس كذلك؟
د. الخضيري: نعم.
د. الشهري: لما يأتي في الآية التي بعدها فيقول (وابتلوا اليتامى) والإبتلاء هنا بمعنى الإختبار (وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ) ولذلك يقول العلماء كيف تبتلي اليتيم؟ كيف تستطيع أنك تبتلي اليتيم وتشوف هل هو يحسن التصرف أو لا يحسن التصرف؟
د. مساعد:يبدو أنها مفتوحة كلٌ بحسبه أليس كذلك؟
د. الشهري: أحسنت، لكن قالوا تعطيه جزء من المال وتنظر كيف يتصرف
د. الخضيري: فإن اشترى الشيء بثمنه المعتاد أو بغبن يسير فهذا مغتفر وإن كان مع غبن كبير دل ّ ذلك على أنه لم يصل إلى الرشد المالي.
د. الشهري: والحقيقة أن الإنسان العاقل يستطيع أن يحكم على تصرفات اليتيم بتصرفاته العامة سواء في تصرفاته في المال أو تصرفاته في إدارة شؤونه أوتصرفاته في دراسته أو تصرفاته في تجارته إلى آخره فكل يستطيع أن يحكم (وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى) لذلك الله سبحانه وتعالى لم يحدد كيفية الإبتلاء وإنما تركها للولي (وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ)
د. مساعد: في ظنك النكاح ألا يدل على سن البلوغ؟
د. عبد الرحمن: بلى.
د. مساعد: وهذا يدل على كأنه إشارة إلى سن البلوغ وعند سن البلوغ ينتهي اليتم.
د. عبد الرحمن: ولهذا ذكر العلماء هذا كيف يبلغ اليتيم الرشد؟ فمنهم من ذكر أنه يبلغ سن الزواج ومنهم من قصر ذلك على التصرف بالمال قال يعني لا ترتفع عنه الولاية إلا إذا ضمن الولي أنه يحسن التصرف (آنستم منهم رشدًا) الرشد نفسه.
د. مساعد. فإذن عندنا الآن مرحلتان:
المرحلة الأولى: مرحلة الانتهاء من اليتم.
والمرحلة الثانية: مرحلة الإيناس (ايناس الرشد منهم) يعني مرحلتان.
فإنتهاء المرحلة الأولى لا تدل على بداية المرحلة الثانية بل لا بد من الإختبار ولذلك قال (فإن آنستم منهم رشدًا) (آنستم) مأخوذة من الأنس أليس كذلك؟
د. عبد الرحمن: بلى.
د. مساعد. من الرشد ماتطمئنون به إلى أن هذا اليتيم قادر على التصرف قال (فادفعوا إليهم أموالهم) فنسبها إلى هؤلاء اليتامى مثل ما قال (وآتوا اليتامى) في الآية الثانية ثم قال (ولاتأكلوها إسرافًا وبدارًا أن يكبروا) ثم قال (ولاتأكلوا أموالهم)
د. عبد الرحمن: فعلا الأكل له دلالة واضحة
د. مساعد: (ولاتأكلوا أموالهم إلى أموالكم) هذا من باب إقامة الظاهر مقام المضمر وفي هذه الآية إقامة الظاهر في مقامه لأنه أعاده إلى الضمير قال (ولاتأكلوها إسرافًا وبدارًا أن يكبروا)
د. محمد: في قوله (فادفعوا إليهم أموالهم) لاحظ أنه عبر في المرة الأولى قال (وآتوا اليتامى أموالهم ولاتتبدلوا الخبيث بالطيب) الإيتاء يكون في الغالب شيئًا فشيئًا بخلاف الدفع فإنه يكون جملة واحدة فلما آنسوا منهم رشدًا وابتلوهم وبلغوا النكاح يقال له لا سلطان لك على مال اليتيم فادفعه إليه كله قل ّ أو كثر، انتهى دورك. هناك (آتوا) صرف عليهم أنفقوا عليهم شيئًا فشيئًا
د. عبد الرحمن: هنا لما قال (ولاتؤتوا السفهاء أموالكم) ثم يأتي هنا فيقول (وابتلوا اليتامى) الضمائر كما مثل ماتفضلت حسبتها فوجدتها أكثر من أربعين ضمير في الصفحة!!!
¥