تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. الطيَّار: بعض المفسِّرين أراد أن يذكر مناسبة التَّفصيل بالمواريث بعد ذكر حقِّ اليتامى بالذَّات، كأنَّه قال في الغالب أنّ حقَّ اليتامى إنّما يحصل بعد موت مورِّثه ثم يأتي وكيلٌ عليهم. فكأنَّه قال إنَّ هذا دخول في السَّبب الذي يأتي منه المال لليتيم.

د. الخِضيري: نعم، ولا شكّ أنّ هذا هو أعظم الأسباب التي تأتي من الأموال لليتامى، لكن الآن ولله الحمد والمِنّة تأتي الحقوق لليتامى بسبب مثلاً التأمينات الاجتماعية، ورواتب التَّقاعد وأحيانا كَفَالات الأسُر التي تكون في بعض الجمعيات والمؤسَّسات.

د. الطيَّار: وقوله (نصيباً مفروضاً) أيّ مَقسُوماً قد قُسِم لهم، لأنَّ الفَرض بمعنى الحَزّ، كأنّه قُطِع لهم شيءٌ من المال فكأنَّه يقول أنّهم قد فُرض لهم وقُطِع لهم خِصِّيصاً فهؤلاء الذين هُم الرِّجال أو النِّساء كلُّ واحد منهم له نصيبٌ معلوم ومحدَّد وكأنَّ هذه الآية فيها عُموم وسيأتي التَّفصيل في قضية حُقوق الإرث بعد ذلك.

د. الخضيري: وزيادةٌ على قولِكَ (مُقُدَّر)، يمكن أيضاً تأتي بمعنى مُحتَّم مفروضًا أي حتمٌ لازمٌ لابد من أخذه وهذا والله أعلم أليق بسياق الآية من جهة أنّها جاءت لتؤكِّد على فرضية احترام هذا المال.

د. الشِّهري: طبعاً هذه الآية تعتبر أصلًا في إعطاء المرأة والضُّعفاء حقوقهم، لأنهَّم -كما تفضلتم- في الجاهلية بل حتى في الحضارات السَّابقة للإسلام عند الفرس وعند الرُّومان كانت المرأة ممتهنة عندهم وكانت تُورَث كما يُورَث سائرُ المتاع، فهذه الآية جاءت لتقرير الحقِّ لهذا الجِنس عندما قال (للرِّجال نصيبٌ ممّا ترك الوالدنِ والأقربون وللنِّساء نصيبٌ ممّا ترك الوالدانِ والأقربون) ثمَّ قال (ممَّا قلَّ منه أو كَثُرَ) فأشَار إلى أنّ المرأة والرَّجل في الحُقوقِ سَوَاء. ولذلك الذَّين يَدعُون الآن إلى المساواة بين الرَّجل والمرأة، وهذه الأُسطوانة التي تُعَاد وتُكرَّر على أنَّ الإسلام قد ظَلَم المرأة، في حين أنَّك عندما تتأمّل في مثل هذه الآية بالذَّات هذه الآية التي جاءت في أوَّل الحديث عن توزيع الحقوق فيها إيضاح واضح أنَّ المرأة والرَّجل في الحقوق سواء، وأنّ الرَّجل يَرِث وأن المرأة ترث كما يرث الرَّجل ثم سوف تأتي معنا بعد قليل الآيات التي تُفصِّل التركة فتجعل للرَّجل مِثلَ حظِّ الأنثيين في بعض التَّفاصيل، هنا العدل سوف يأتي الحديث معها إن شاء الله. لكن هذه الآية بالذّات تُعتبر أصل الحقيقة في إعطاء المرأة حقَّها. ولذلك أنا أرى وأقترح على الإخوة الذِّين يَتَحدِّثون اليوم في مثل هذه القضايا، أن يتأمَّلوا في مثل هذه الآيات قضايا المرأة بِصِفة عامّة، وأنَّ المرأة في القرآن الكريم قد كُرِّمت تكريمًا خاصًا واضحًا وظاهرًا في إشارة إلى أنَّها كانت قبل نزول هذه التَّشريعات ممتهنة ومظلومة قبل الإسلام.

د. الطيَّار: بل لا يزال حتى الآن في الغرب الذي يتبجّح بالحُريِّة، المرأة في العَمل لا تأخذ مثل ما يأخذ الرَّجل.

د. الشِّهري: صَدَقت. الأجور أظن تقل بنسبة خمس وسبعين في المائة.

د. الطيّار: نعم، وتُنسَب إلى زوجها وليس إلى أهلها. مع الأسف أنَّ الضَّعف الذَّي تعيشه الأمة، يعني ضعفاً حتى في التَّصوّر لمثل هذه الأمور، وظنَّ كثير من الرِّجال ومن النِّساء أنّه ما يرونه من هذه الحريّة المزعومة الموهومة هي في الحقيقة عبودية، هي حرية من جانب ولكنَّها في الحقيقة هي عبودية، فمن المهم جداً بالفعل إبراز هذه الجوانب الموجودة في القرآن التي تُكَرِّم المرأة وتجعل المرأة كياناً مستقِّلاً ليس لأحدٍ سلطة عليها في مثل هذه الأمور.

د. الخضيري: في قوله: (للرِّجال نصيبٌ ممّا ترك الوالدانِ والأقربون وللنِّساء نصيبٌ) قدَّم ذكر الرِّجال على ذكر النِّساء على عادة القرآن وهذه عادة وسنّة جارية في كتاب الله عز وجل بناءً على أسباب شرعية وطبيعية جعلها الله عز وجل سبباً لتقديم هذا الجِنس على هذا الجِنس، وليس هذا من باب الإهانة، الإهانة هو أن تجد إنساناً له مكان فَتُنزِلُهُ عن مكانه لكن إذا وضعته في مكانه الذي يستحقه، فالرَّجل مُقدَّم على المرأة أولاً: هو أصلٌ لها، ثانياً: هو قوَّام عليها، ثالثاً: هو أكمل منها، ولِذَلك المهمِّات الصَّعبة والأشياء القوِّية لا يتولاّها إلاّ الرِّجال يعني من يحمي الدِّيار من

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير