تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. الطَّيار: طبعاً الآن رتَّب، قال: أوُلوا القُربى، واليَتامى، والمسَّاكين.

د. الخِضيري: وهذا التَّرتيب له دَلالة، استنبط الشِّيخ ابن العثيمين منها فائدة فقال: فِيه الدَّلالة على أنَّ حقَّ القَرابة مُقَدَّم حَتى على حقِّ الفُقَراء والمسَّاكين والأيتام الذِّين النَّاس يَتَوَاصون الآن برعاية حُقوقِهم ولهم حقّ عظيم جِدّاً، فالقَرابة لهم من الحقّ ما ليس لغيرهم، وهذا شَيء الحقيقة نُذَّكِر به إخواننا فيه: أنّه لا تنسى قَرابتك، عندك زكاة؟ أوّل ما تبدأ بالنَّظر فيمن حولك من قَرابتك، عِندك دَعوة ودِين؟ ابدأ بالقَرابة، ماذا قال الله لنبيِّه (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) الشعراء)، هؤلاء لهم حقّ عليك خاصّ غير الحقّ العَام الذي يُبذل لكلِّ أحد، أو حق هذه الدَّعوة في أن تُعلَن للنَّاس جميعا، هؤلاء لهم حقّ،.إبراهيم عليه الصَّلاة والسَّلام أيضاً بدأ بأبيه (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا (41) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ .. (42) مريم). فبدأ بأبيه.

د. الشِّهري: صحيح. هل تتوقّعون أنّ القرابة هنا في الآية، يدخل فيها الأغنياء من القرابة يعني مثلا (وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ)؟

د. الطَيَّار: كما ذكرتم في قول الله سبحانه وتعالى في أُولي القُربى، وأهمية العِناية بأُولي القُربى والترتيب كما نلاحظ أنّه بعد أولي القربى ذكر اليَتامى لأنّ حالهم أشدّ من حَال المساكين وحاجتُهم إلى العَطف، وكذلك إلى المال ستكون في الغالب أكثر من حاجة المساكين فقدّم أيضاً اليَتامى على المساكين.

د. الخضيري: وأيضاً لِصِغَر نُفوسهم، فإنّ التشَّوفَ الذي يكون عندهم أشدّ من التشَّوف الذي يكون عند غيرهم، لأنّ غَيرهم مع فقره قد يكون عنده من عِفّة النّفس ومن كمالها ما يمنعه من التطّلع أو التشَّوف الشّديد، لكنّ اليتيم لمّا يرى الأشياء بين يديه تُكسَر والنّاس تتحدث عن الأموال، فردّ هذه النّفس الضَّعيفة الصَّغيرة أولى من غيرها.

د. الشِّهري: أنا عندي فكرة، قد تكون فكرة تفتح الباب للإخوة المسؤولين عن دُور الأيتام، وهي أنَّهم ينظرون في هذا الجَانب، في جانب دعم مشروعات الأيتام ونفقاتهم إلى آخره، بِقَصدهم لِقسمة التَّركات لِبعض الأُسر الثَّرية في المجتمعات الإسلامية، بعض الأُسَر عندما يُتَوفّى عَاِئلها ويكون ثرِّياً، فيترك تركة كبيرة جدّاً، هِذه الآية تفتح الباب لمن يقوم على شؤون اليتامى أن يذهب إلى مثل هذه الأسر ويَعرِض عليها مثل هذه الآية، في أنّ َهذا مَصرِف من مصارف التَّرِكات، الله سبحانه وتعالى قال ((وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى) وأنا مَندُوب اليَتامى حَضَرت في مثل هذه القِسمة فأدعوكم للتَّبرع في أوجه البِرّ.

د. الخِضيري: لكن لم يُخبر بأنَّ النّاس اجتمعوا ليَقسِمُوا أموال موَّرثهم، في السَّابق كان يُعرَف هذا الأمر فيهم.

د. الشِّهري: الجنائز تُظهر هذا الأمر، إذا ذَكر أنّه مات فلان فليَتَحرَّى.

د. الطيّار: قال هنا (فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ) وهُنَاك قال (وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا (5) النساء).

د. الخضيري: طبعاً، أشَرنا في المرَّة الماضية إلى أنَّ ارزقوهم منه أيّ من رأس المال فيُقتطع ويخرج، أمّا ارزُقُوهم فيها يعني اجعلوهم هم وهذه الأموال يدورون فَتُنمَّى هذه الأموال ويَأخذون من رَيعها لا مِن رأس المال حتى لا يَفنى عليهم فيها.

د. الطيّار: وهذا الحقيقة كما سَبق أن ذكرنا أنَّ مَلاحِظ الضَّمائر، أنّك تُلاحظ كيف الضَّمير جاء " فارزقوهم منه" أيّ من المال، طيِّب قد يقول أحد: لماذا لم يقول فارزقوهم منها؟ فعاد إلى المال المعروف من قول القسمة.

د. الشِّهري: في قوله هنا (وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ)، أمَّا توزيع الترَّكة فهو مجال توزيع وليس مظنّة استثمار، وإنما مظنة توزيع فقال (فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير