تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. الخِضيري: في قوله (وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا) أيضاً هذه التأكيد على الإِحسان بالقول، بعد الإحسان بالفعل والجمع بينهما وأنّ الإسلام لا يقتصر في مُراعاة هذه النّفوس على الجانب الفعلي دون الجانب القولي، فتُقَدِّم هذا الخير لهذا اليتيم أو لهذا المسكين الحاضر وتقول المعذرة يا فلان، والله أنّك تستحق أكثر لكن تعرف يعني الترّكة وكذا وإلا والله لو بأيدينا لزِدنا لك فأنت خير من هذا.

د. الشِّهري: طيب الآن، عندما يُؤمَر أهل المال بأن يُعطُوا من حضر، هذا العطاء الذِّي يُعطى لمن حضر يدخل على من في التركة؟ هل يَدخل على الترَّكة كاملة؟ يعني بمعنى الآن أنت يا محمد مسؤول عن تقسيم الترَّكة، يعني سيأخذ الإخوان هذا سيأخذ نصيبه كاملا، والأخت ستأخذ نصيبها كاملاً، والزوجة ستأخذ نصيبها كاملاً، هؤلاء الحاضرين نُعطِيهم من ماذا؟ من نصيب واحد منّا، أو من رأس المال كله؟

د. الخضيري: من رأس المال الذِّي للورثة.

د. الشِّهري: جميل، يعني يُفترض هذا أن يكون قبل التوزيع؟

د. الطيّار: نعم، في قوله (قَوْلاً مَّعْرُوفًا) القَول المعروف تعرفون أنّ النّفوس سبحان الله يُصيبها الشُّح عند المال، فالتّأكيد على هذا المعنى، أنّ حضور مثل هؤلاء قد يُثير في نفس بعض الورثة شيئاً من الإِحن عليهم لماذا جاؤوا؟! لأنّهم سيقتطعون جزءاً من مالهِ. فكأنَّ الله سبحانه وتعالى يؤكِّد على أمر أبلغ من هذا ليس فقط أنَّك تُعطيه الآن، ولكن تُضيف أيضاً له القول المعروف، ولهذا لمّا قال سبحانه وتعالى (قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى (263) البقرة) لأنَّ الآن كونك تتصدّق على الفقير وتُؤذيه بالكلام لعلك نفعته ولكنَّك أسأت له من جانب آخر. فالحقيقة رعاية الإسلام لهذه الدقائق وللشُّعور النَّفسي، فأقول على المرَّبين أن ينتبهوا له تنبُّهاً تامّاً في جميع المناحي.

د. الشِّهري: سبحان الله! تكامل التشريع.

د. الطيّار: لأنّه أحياناً قد أنت تقول كلمة لا تُلقي لها بالاً ويتأثّر بها صاحبك.

د. الشِّهري: أنا أتساءل في الأنظمة الوضعية – لم أطِّلع عليها بالضبط- لكن هل يا تُرى تُراعي الأنظمة الوضعية في قسمة المواريث، وفي قسمة التَّرِكات مثل هذه الأشياء النّفسية؟

د. الخِضيري: ما يظهر، هذا مختصٌ بهذا الكلام الرَّباني العظيم، حتى أنَّك لا تكاد تجده في كلام الفقهاء، في كتب الفقه لا تمر بنا هذه المسَّائل بحكم أنّه لا يترتَّب عليها حُكم فقهي خاص، لكنَّك تجدها في كتاب الله عزّ وجل مراعاة أتمّ الرِّعاية، ولاحظ القول المعروف لمّا أشار إليه الدكتور مساعد يُذكر في عدد من المجالات في الصَّدقة، يّذكر هنا ((وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا)، أيضاً في حفظ أموال السُّفهاء ومن في حكمهم. في قوله (وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا) أنا أقول فيها أيضاً بيَان أهمية زراعة الفَأل في نُفوس النّاس، حينما تقول لهؤلاء الحاضرين، وأنتم إن شاء الله ربِّي عزّ وجل برزقكم، إن شاء الله نحضر معكم قسمةً لَكُم لأموال تكونُ لكم بإذن الله، مثل ما حضرتُ اليوم قسمة لغيركم، تزرع في نفوسهم إنَّ الله بِرزقهم ويُغنيهم ويأتي لهم بالخير من حيث لم يحتسبوا، أنا أظن أيضاً أنَّ هذه الزِّراعة زراعة الإيجابية والتفاؤل في نفوس النّاس ضرورية جِدّاً، بعض النّاس يقول والله فلان مسكين ما حصَّل ولا عَيّن خير عُمره كُلُّه، هو أصلاً حظّه رَديء هكذا. لمّا تقول كلمة حظّه رديء يبقى في نفسه سبحان الله السَّلبية في أنَّه لا يمكن أن يُفلح في مجال من مجالات الحياة، وأنَّه سيبقى عالة على النَّاس، لا، أنت ما يُدريك يوم من الأيام أنا قد أكون خادماً عندك. وأذكر بهذه المناسبة يقولون أسرتين مجتمعتين فكان فيهم شاب وكان فيهم فتاة فقالوا: لو أنّ قلنا لفلان يأخذ فلانة، هي كانت تسمع الكلام، فقال الشَّاب: أنا آخذها؟! أنا أكبر قدراً من أن آخذها. فهي أصَابها شيء كثير من الضَيّم، فراحت وصعِدت فوق مكان مثل هذا فقالت: والله يأتي ربي بيوم أنا التي آمرك فيه وتصير ذليل عندي! جزاءً على كلمتك هذه. وسبحان الله يتزّوجها أحد الأثرياء ويأتي هو

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير