تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

سائق عندها، فكانت تقول له: يا فلان ما تذكر ذاك اليوم الذي أنت جرحتني فيه انظر سبحان الله بسبب الشماتة. رُبَّ كلمةٍ قالها فَصَعِدَ بها.

د. الشِّهري: أيضاً لاحظوا الآن الآية التي بعدها يا مشايخ، في قوله سبحانه وتعالى (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيدًا (9)) تُلاحظون نحن الآن في باب قسمة، في قسمة تركة أنت خُذ الثلُّث، وأنت خُذ الرُّبع، وأنت خُذ النِّصف، وبالرّغم من ذلك تأتيك المواعظ ويأتيك العناية بجانب التَّقوى، ممّا يَدُلّك يا إخواني نحن فعلاً نفصِل فصلاً نَكِداً – إن صحَّ التعبير- بين الحُقوق وبين الأخلاقيات، وكثيرٌ من النّاس يظُنّ أنّ الأخلاق منفصلة عن جَانب الأخذ والعَطاء والدِّرهم والدِّينار. لاحظ هنا كيف تأتي (وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ) هذه مسألة ذوقية أدبية أخلاقية، ثمَّ تأتيك بعدها مسألة تُؤرِّق كثيراً من الآباء ومن الأمّهَات الذين أدركهم الكِبَر وخافوا على أولادهم الصِّغار من الضَّياع بعدهم فتأتي هذه الآية في هذا الباب فيقول الله سبحانه وتعالى (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ)، يعني خِطاب للآباء والأمَّهات الذين يخافون على أبنائهم من بعدهم الضَّياع، إمّا لفقر إمّا ليُتم. قال (فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيدًا). رَجعنا لأوّل ما ورد في السُّورة (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ) فجاء يأمر بها هُنا أمراً خاصّاً لهذا النّوع من النّاس، الذِّين يتركون ورائهم وَرثة هم مظنّة الضَّياع، وما أكثر هذا في حياة النّاس اليوم تجد الواحد منهم يكبر في السِّن ويرى أولاده من خلفه صغار بعضهم ما أكمل دراسته ويفكِّر كيف سيكونون بعدي سيضيعون فالله سبحانه وتعالى قال (فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيدًا).

د. الطيّار: وهذا كما يقول بعض المُفَّسِّرين هذه الآية فيها تنبيه على أنّه يُوجب الاحتياط للضُّعفاء، الذين هم الآن ذرِّيةً ضِعافاً. فالاحتياط لهم قبل وقوعه.

د. الشِّهري: لكن انظر قال (فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيدًا) ما قال فليدَّخِروا لهم، أو فليُثَّمِروا لهم. وإنَّما أرشدهم للوصِيَّة هي في نظر كثير من النّاس ما لها علاقة في الجانب المالي، فوصيَّته بالتّقوى والقول السَّديد. أليس من التَّقوى هنا ما ذكره الشيخ مساعد من قضية الاحتياط لهم في تأمين شيء يَعولهم أويَقوتهم بعد وفاة هذا الرّجل أو هذا الوالي.

د. الخضيري: لكن أنا يظهر لي في معنى الآية يا مشايخ، إنّه يقول راعُوا من حَضَر في القسمة من اليتامى والضُّعفاء كما أنَّكم تُحبُّون أن يُرَاعَى أيتامكم أنتم، فكَما تُحب أن يُكِرَم أيتامك وضُعفاؤك الذين تُخلّفهم من بعدك، أكرم ضعفاء من قبلك، وهذا تذكير للإنسان بما تؤول إليه الأحوال، كما تدين تُدان ولذلك قال (فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيدًا).

د. الطيّار: جميل، وهذا الأقرب في القسمة. يعني إذا حضروا القسمة فليتَّقوا الله في حضور هذه القسمة ما يأتون ويقطعون يقولون في القِسمة أوصي لفلان، لا تُوصي لفلان لا توصي لفلان، يكونون حضور خير، فيها جانبان إمَّا أن يُوصوه بأن لا يُخرج ماله عن ذُرِّيّته فلا يُوصِي بشيءٍ آخر، وإمّا أن يعكسوا ذلك فيُوصوه بأن يُخرج ماله عن ذُرِّيته ولا يُبقي لذِّريَّته شيء، يعني في محتمل الأمرين هذا وهذا، فهذا تنبيه على أنّ الله سبحانه وتعالى حتى في هذه الدّقائق يوصي المسلم ويعطيه ترتيب الأولويات عنده، وماذا يصنع وماذا يَفعل حتى في مثل هذه الدَّقائق. طبعاً أنا أريد أن أنبِّه لاحظ أنّ الله سبحانه وتعالى هنا يُرشِد المسلم إلى مثل هذا الأمر الجميل الذي يقبُله كل عقل، وانظر الآن إلى الغرب الذي يتبَجّح كثير مع الأسف من ضِعاف النُّفوس من المسلمين لمحبّتهم ومحبّة ما عندهم، مليونير يجعل تركته كلّها لكلب! وعنده بنتٌ، أو ولدٌ، أو زوجةٍ لا يأبه لها فيخرج هؤلاء كلهم من أملاك هذا الرّجل وتكون للكلب!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير