تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. عبد الرحمن: الثاني كما قلت أن تكون الوصية لأناس لا يطالبون. الآن عندما قال (مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ) الفقهاء يقدمون الدَيْن على الوصية في العمل وهذا لا إشكال فيه ولكن الله قدّمه في الذكر للاهتمام به وللإشارة إلى حق الذين أوصي لهم في أن يعطوا حقهم في الوصية للميت. وهذا مصداقًا لما ذكر الدكتور محمد الآن وقع تهاون الآن في الوصية وفي تنفيذها بشكل كبير جدًا فما أن يموت الميت إلا ويتهاون الورثة في الوصية ولا يوصلونها إلى صاحبها ويبقى يطالب ويحتاج إلى شهود وربما لا يصل إلى هذا الحق

د. مساعد. نفهم من كلامكم الآن أن الآية لم تأت على الترتيب الواقعي لأنه بدأ بالمواريث قبل الوصية والدين معنى ذلك أن هذا ليس هو الترتيب الواقعي فإذا مات الميت يقدمون التجهيز ثم الدين ثم الوصية ثم قسم المواريث. هناك قضية نسيت أن أنبه لها وهو استعمال شائع عندنا وليس هو الاستعمال العربي لو قال الله سبحانه وتعالى (يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ) يقول أنا عندي كذا ولد وكذا بنت تعارف الناس أن الولد للذكر لكن الولد يشمل الذكر والأنثى ولكن من باب التصحيح لأنه شاع عند الناس استخدام الولد للذكر فقط مع أنه يصح للإثنين تقول هذا ولدي سواء كان ذكرا أو أنثى والدليل هذه الآية.

د. محمد. في قوله تعالى (فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ) المفسرون بحثوا هذه الآية هل كلمة (فوق) جاءت زائدة كما جاء في قوله تعالى (فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (12) الأنفال) أو أنها ليست زائدة بل هي في محلها وهي قد جاءت للدلالة على معنى مقصود؟ الصحيح والله أعلم أن (فوق) جاءت هنا جاءت لمعنى مقصود وهذا سر السؤال لذا نحن نقول للناس تدبروا الآيات بشكل عميق تجدوا سبحان الله في الآية ما يحل الإشكال حتى أحيانًا لو لم تستعن بآيات أخرى أو أدلة أو شواهد تجد الآية تسعفك في هذا الميدان ولعلنا نأتي إلى بعض الشواهد في هذه السورة بالذات. هنا قال (فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ) فالواحدة يقابلها النصف ولما ذكر ميراث الواحدة وذكر ميراث فوق الاثنتين دل ذلك على أن الاثنتين ليستا كالواحدة قطعًا إذن ماذا لهن؟ نقول هنا دلت السُنة على واحد ودل القرآن في آخر السورة (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ (176)) البنتان أقرب إلى الميت من الأختين فلهما الثلثان، ما فائدة (فوق)؟ قال ليبين لك أن نصيبهن لا يزيد بزيادتهن، لو كنّ عشرة أو مائة فلهن الثلثان لا يزيد بزيادتهن فأراد أن ينص على هذا قصدًا والأصل حمل الكلام على عدم الزيادة بل حمله على أن يكون له معنى محدد.

د. عبد الرحمن: ومن الفوائد التي ذكرها الشيخ ابن عثيمين (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ) وأنه أراد أن يشير إلى أن المال الذي يعطى للمرأة حظ لأن المرأة لا تنفق من مالها وكأن المال الذي يعطى لها هدية تتصرف فيما كما تشاء ولا يلزمها أن تنفق بينما الرجل يعول من تحت يده. ويمكن أن يستفاد منها فائدة مهمة وهي أن المجتمعات الجاهلية كانت تحرم المرأة ولا تعطيها حقها وتظلمها فجاء القرآن الكريم هنا ليقرع الأسماع بهذه العبارة الجميلة ويقول (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ) فيشير إلى أن المرأة ذات حظ في الإسلام وأن لها حظًا في تركة مورثها وينبغي أن يُعطى لها هذا الحظّ.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير