د. عبد الرحمن: هذه آية الكلالة يا دكتور محمد التي أشكلت على عمر ما المقصود بالكلالة؟
د. محمد: يقال تكلّله النسب أي أحاط به كإحاطة الإكليل الذي يوضع على الرأس يحيط بالرأس من جميع جوانبه، لاحظ الأصول والفروع، الأصول شيء، من خرجت منه والفروع من خرجوا منك والإكليل ما أحاط بك فهؤلاء الإخوة يسمون كلالة لأنهم يحيطون بك ليسوا أصلًا لك ولا فرعًا منك (وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً) يعني ليس عنده أصول ولا فروع قد نتجوا منه وإنما إرثه أو من يرثه هم من أحاط به فقيل له كلالة (وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ) أيضًا كذلك.
د. عبد الرحمن: يورث وحاله أنه كلالة.
د. محمد: (أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ) هنا يأتي أهمية الرجوع إلى تفسير السلف رضوان الله تعالى عليهم في مثل هذه الآيات لأن أخ وأخت مطلقة.
د. عبد الرحمن: أخ لأب، أخ لأم، أخ شقيق، ثلاثة أنواع.
د. محمد: ثلاثة أنواع وكلهم يرثون وكلهم من الوارثين، ما المراد به هنا؟ أجمع السلف على أن الأخ والأخت المذكورين في هذه الآية هما الأخوة من الأم بل وفيها قراءة لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال (وله أخ أو أخت لأم) وهذا محل إجماع بل هو الواقع أيضًا لأن الله ذكر في الآية الأخيرة في سورة النساء ميراث الأخوة الأشقاء والأخوة لأب.
د. محمد: (وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ)
د. مساعد: متساويين وهذه إحدى حالات التساوي.
د. محمد: نعم إحدى قسمة المال بين الذكر والأنثى على حد سواء.
د. عبد الرحمن: هنا الأخوة لأم ليسوا الذكر كحظ الأنثيين وإنما الذكر والأنثى سواء لكل واحد منهما السدس.
د. محمد: يقال إن هذه من بركة الأم على أبنائها، الأم من بركاتها أن أولادها إذا ورثوا يدخلون في الإرث سواء كأنها بركه منها على البنات هذه واحدة.
الثانية:هي الوحيدة التي تأذن لمن أدلى عن طريقها بأن يرث معها.
د. عبد الرحمن: ما تحجبه
د. محمد: ما تحجبه بينما إذا وجد الأب ولا واحد من هؤلاء يبقى في التركة. ولذلك أي مسألة فيها ابن أو أب تبقى المسألة مختصرة في الفرائض لا يبقى فيها أحد لأن هؤلاء إذا جاؤوا فرّ الناس كلهم أخذوا بالفرض أو بالتعصيب كل الموجود يأخذونه فإذا غاب الاثنان "الابن والأب "تطول المسائل يدخل الإخوة وأحيانًا الأعمام.
د. عبد الرحمن: هذه معلومة مهمة. تلاحظون إخواني في فهم العلماء والمفسرين والفقهاء أيضا لآيات التركات فيه في الحقيقة عمق علمي ودلالة على حرص العلماء ودقتهم في فهم كلام الله سبحانه وتعالى وفي استنباط دلالاته كله لذلك تجد العلماء في تفصيلهم وشرحهم لآيات المواريث قد بلغوا الذروة في تتبع كل الدلالات واستنباط كل الفوائد التي تدل على المعاني التي في الحقوق في إيصال كل حق إلى صاحبه من جهة وأيضًا في الدلالات التربوية التي في هذه الآيات والدلالات العملية وأحيانًا الذوقية، لماذا قدّم الله سبحانه وتعالى الزوج على الزوجة؟ ولماذا قدّم الله الأبناء على الآباء؟ وما في ذلك من دلالات. وهناك لفتة مهمة جدًا أنصح بها إخواني الذين يحبون تذوق الكلام العربي الفصيح أحيانًا نخطأ أو نضل الطريق عندما نبحث عن الأدب وعن القدرة على تحليل الكلام في كتب الأدب والشعر ونغفل كتب التفسير وكتب الفقه في حين أن كتب التفسير وكتب الفقه هي من أكثر الكتب التي تجد فيها مهارة وقدرة على استنباط الدلالات وفهم النصوص. لأن العلماء عندما يأتون للتفسير ويأتون للفقه فإنهم يستقصون المعاني ويتتبعونها في هذه الآيات وفي هذه الأحاديث لأنهم يبحثون عن دين ويبحثون عن شيء يتدينون به وعن حق ويحلون المشكلات بخلاف الأدب والشعر فإنها في العادة للتذوق واللذة فتجد في تحليل العلماء لآيات المواريث مثال رائع جدا لإبداع العلماء المسلمين في فهم دلالات النصوص.
د. محمد: ومصداق الكلام (وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً) العلماء قالوا إن الأخ والأخت لأم يرثون من الميت بشروط: ألا يكون له أصل ذكر وارث ولا فرع وارث سواء كان ابنًا أو بنتًا أو أبن أبن أو بنت أبن من أين أخذوا هذا كله؟ من كلمة كلالة فهي كلمة غنية بالمعاني.
¥