د. مساعد: في قوله (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ)
د. عبد الرحمن: هنا إضافة غير مضار دكتور مساعد لو تعلق عليها (أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ)
د. مساعد:نعم في قوله: (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ) أي غير مضار في وصيته أي لا يضر الورثة، لا تكون وصيته فيها إضرار لورثة.
د. عبد الرحمن: فإنها لا تنفذ.
د. مساعد:ولهذا قال بعدها (وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ) أي كل ما مضى هو وصية من الله سبحانه وتعالى
د. عبد الرحمن: من رد العجز على الصدر (يُوصِيكُمُ اللّهُ) - (وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ)
د. مساعد: وفي الحقيقة حتى اختيار (يُوصِيكُمُ اللّهُ) (وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ) في الوصية هذه في قضايا مرتبطة بالوصايا والإرث فيها تناسب لفظي عجيب مع الحدث الذي يشهده الآن الإنسان الميت وما بين دين ووصية وإرث ناسب أن يكون لفظ الوصية من الله سبحانه وتعالى
د. محمد: العجيب أن الله عز وجل يقول (يُوصِيكُمُ) ليبين كيف أنه يرفق بنا، العادة أن الذي يوصي دائمًا لا يوصي إلا وهو يحب إيصال الخير للآخر. هذا الذي أوصله الله لنا ليس من باب الكمال التأدب بمعنى آداب إن أخذتم بها أو تركتموها لا، بل هي واجبات مفروضة بدليل قوله تعالى (فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ) وبدليل قوله تعالى (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ) فهذا الأمر ليس من الاستحباب إن فعلتم ذلك فجزاكم الله خيرًا وإن لم تفعلوا فلا حرج عليكم لا، ولكن الله يعطينا من الألفاظ أعذبها ليبين أنه قد أبلغ في إيصال الخير إلينا.
د. عبد الرحمن: ونكرر أن هذه الآيات قد وردت مورد التشريع وتقسيم التركات التي يحصل بين الناس فيها من التقاطع ومن الخصومات والآن تجد المحاكم من أكثر القضايا الشائكة التي تجدها في المحاكم قضايا التركات والخلافات والنزاعات بين الورثة والتقاطع بينهم بسبب هذه الأموال وبالرغم في هذا السياق الذي هو مبني على هذا المشاحنة والمشاحة يأتي فيعبر بلفظ الوصية إشارة إلى التحبب والعناية الهداية والرفق.
د. مساعد: فائدة في خاتمة الآية قال تعالى (وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ) طبعًأ في قوله (والله) إظهار في مقام الإضمار
د. محمد: كان يمكن أن يقول وهو العليم الحليم.
د. مساعد: لكن أيضًا في الآية السابقة قال (إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيمًا) كرر العلم هنا ولكنه خالف في ذكر الحلم هنا بدل الحكمة. ولو تأملت هذه الآيات العلم يمكن أن يرجع فيه إلى التقسيم إلى: عليم بما يصلح لكم فقسّم هذه القسمة ويمكن أن يكون من باب التهديد أي عليم بما يحصل من بعضكم من مخالفة أمره أو وصيته في هذا ومع ذلك هو حليم لا يعاجل من فعل هذا بالعقوبة فجمع بين العِلم والحِلم في هذا الموطن وكأن هذا الموطن من قسمة التركات موطن لإضاعة بعض الحقوق عن قصد فنبّه أنه يعلم وأنه إن فعلتم مع ذلك أنه يحلم لا يعاجل بالعقوبة فانتبهوا واحذروا.
د. عبد الرحمن:الحقيقة أن دلالات الأسماء الحسنى التي تختم بها الآيات فيها الحقيقة دقائق وأسرار بلاغية عجيبة لاحظ فعلًا هنا أن هذه مظنّة ظلم الناس وتعديهم، الله يهدد فيقول: (وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ) والعلماء يقولون دائمًا تنتظر دائما إلى الأسماء الحسنى إلى لوازمها ومقتضياتها عندما يقول (وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ) فهو تهديد لك إنه عليم بما تصنع وبالتالي سوف يعاقبك وحليم كأن فيه إمهال وإشارة لمن لم ينته من قسمة التركة ومن لم ينصف ولم يعط الحق فليتدارك.
د. محمد: وهنا مسألة أخرى أشرنا إليها في حلقات متقدمة وهو أن اجتماع الاسمين ينتج منهما معنى ثالث علم الله عز وجل مقرون بحلم "كما أشار دكتور مساعد قبل قليل قال الإتيان بالعلم هنا قد يكون المراد به التهديد انتبهوا فالله يعلم إن ظلمتم أو تعديتم أو خالفتم أمره. علم مقرون بحلم وحلم مقرون بعلم كثير من حلم البشر ليس مقرون بعلم بمعنى أنك تحلم على من أساء وأنت لا تدري ما هي مقاصده وتقول الأيام ستبدي هذه الأشياء والله يحلم وهو يعلم أن فلان يريد كذا و فلان ظلم في كذا ومع ذلك عنده الحلم التام الكامل الواسع جل جلاله.
¥