لاحظوا ختام الآيتين: من يستجيب لأمر الله سبحانه وتعالى قال (يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) فكيف عظّم من شأن هذا الفوزّ وأشار إليه بـ (ذَلِكَ) ثم عرّفه بهذا الألف واللام ليدل على الفوز ثم وصفه بالعظمة. ثم جاء إلى الجزاء الآخر فقال (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ) نلاحظ (وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ) نكّره والتنكير هنا أيضًا للتعظيم ووصفه أنه عذاب مهين يعني يهان فيه هذا الذي تعدّى هذه الحدود إهانة بالغة.
د. محمد:وكأن الذي يتعدى الحدود في مثل هذه المواطن يستهين بأمر الله فيعاقب بعقوبة من جنس عمله وهذا أقوله والله أعلم في حق أولئك الذين يتنقصون من شرع الله ويقولون بأنه شرع ظالم ولا يساوي المرأة بالرجل وفيه أشياء غير مفهومة فيستهينون بحكم الله فيجترؤون على حدود الله ويتعدونها فيقال احذروا فإن لكم عند الله عذابًا مهينًا فيه خزي وإذلال وتحقير بأعظم مما حصل منكم من استهانة ..
*ملاحظة للحفّاظ: هناك متشابهات آيات لو تأملها الإنسان يضبطها لكي يحفظها منها مثل: (وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) مفردة في القرآن ما جاءت بالواو ومن دون (هو) إلا في هذا الموطن ولذلك يمكن أن تختبر بها غيرك تقول (وذلك الفوز العظيم) أكمِل فإذا قال لك أي واحدة عرفت أنه غير ضابط لأنه ليس هناك غيرها في القرآن. يضبط الحافظ هذه المواطن لأنها تعينه على الحفظ، في سورة التوبة ترد آيات شبيهة بها خمس مرات لكن ولا واحدة مثلها تمامًا (وذلك الفوز العظيم)، موجود (ذلك هو الفوز العظيم) (وذلك هو الفوز العظيم)
د عبد الرحمن: هذه أُلِّف فيها مؤلفات ومطبوعة مثل منظومة السخاوي (هداية المرتاب في ضبط متشابه آي الكتاب). ينتقل الحديث في الوقوع في المعصية فيقول سبحانه وتعالى (وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) هذه الآية تتحدث عن المرأة التي تقع في فاحشة الزنا فما هو حدّها؟
*د. مساعد: قبل هذا نتكلم عن المناسبة "علاقة هذه الآية بما قبلها "؟
فيه نوع من انقطاع كنا نتكلم عن أموال وحقوق فجأة انتقل إلى أحكام أخرى،
د. محمد: ألا ترى أنه عندما تحدث عن الحدود جاء إلى هذا الحد؟ قال (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) ثم ذكر حدا متصلا بما جاء في أول الآية عندما ذكر ما للنساء ذكر ما عليهن.
د. مساعد: الإصلاح وحسن التخلص، فهذا منه عندما تكلم عن حدود الله من يكع الله ومن يعص الله جاء بمثال آخر صريح في (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ) وأيضًا قضية أخرى أن الآيات السابقة كانت تتحدث عن الإحسان إلى النساء وذكر ما لهن من المواريث ثم بعد ذلك انتقل إلى أمر آخر ليتصل به هذا الباب وباب التغليظ الذي تكلمنا عنه في مسألة الإصلاح وهو جانب من جوانب الإصلافي النساء
د. عبد الرحمن: لعلنا نؤجل الحديث عن الآيات التي تتحدث عن الحدود ونفصل فيها إن شاء الله ونشير إلى مسألة النسخ التي ورد في هذه الآيات في اللقاء القادم إن شاء الله. أيها الإخوة المشاهدون انتهى وقت هذا اللقاء ولعلنا نلقاكم ونستكمل الحديث أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بُثّت الحلقة بتاريخ 8 رمضان 1431 هـ
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[18 Oct 2010, 08:31 ص]ـ
وهذه الحلقة التاسعة بعد تنقيحها من قبل الأخت الفاضلة يسرا السعيد جزاها الله عني خيرا
الحلقة التاسعة
تأملات في سورة النساء الآيات (15 - 16)
¥