تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. الشِّهري: بسم الله الرّحمن الرحيم، الحمدلله ربِّ العالمين، والصَّلاةُ والسَّلام على أشرف الأنبياء والمرسلين. مرحباً بِكم أيُّها الإخوة المشاهدون الكِرام في كل مكان في برنامجكم "بيِّنات"، والذِّي يَتواصَلُ الحديثُ فيه حول آياتِ سورةِ النٍّساء من كتابِ الله تعالى ولا زِلنا في هذا المجلس المتجدد نتحادَث ونتدبَّر في هذه الآيات مع المشايخ الفُضَلاء الدُّكتور: محمد بن عبدالعزيز الخِضيري، والدكتور: مساعد بن سليمان الطَّيار، ونحن في هذه الاستراحة الجميلة في مدينة تُنومة والتي أتاحها لنا الوالد الكريم الأستاذ: علي بن عبدالرحمن الشِّهري جزاه الله خيراً.

كُنّا قد توقّفنا يا مشايخ في المجلس السَّابق عند قول الله تعالى: (واللاَّتي يأتِينَ الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهنّ أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهُنَّ في البيوت حتى يتوفَّاهُنَّ الموت أو يجعل اللهُ لهُنَّ سبيلاً (ولعلّنا قبل أن نبدأ في الحديث عن هذه الآيات نستمع إليها مُرَّتلة ثم نواصلُ الحديث عنها ..

الآيات من سورة النِّساء (15 - 16)

(واللاَّتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهُنَّ في البيوت حتى يتوفَّاهُنَّ الموتُ أو يجعل الله لهُنَّ سبيلا (15) واللَّذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تَابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إنّ الله كان توَّاباً رحيما (16))

وبعد أنِ استمعنا إلى هذهِ الآيات الكَريمة والتي تتحدّث عن حَدِّ الزِّنا والفَاحشة في هذه الآيات المدنية، ونحن سبق أن تحدَّثنا في أوّل اللِّقاء في سورة النِّساء، أنَّ سُورة النِّساء سورة مدنية بالإجماع، نَزَلت على النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، والسُّور المدنية من أبرز مميِّزاتها وخَصَائصها أنَّها مشتملة على الحُدود، فمن ضَوابط السُّور المدنية أنّها ورد فيها حدود (حدِّ الزِّنا، حد السَّرقة، حد شُرب الخمر ... إلى آخره).

هنا يأتي سؤال سبق أن أشرنا إليه لَيتك تُذَّكرنا به دكتور محمد بإيجاز، وهو أنَّا كُنَّا نتحدَّث عن آيات المواريث وحقوق الوَرثة، ثم انتقل الحديث عن حَدِّ الزِّنا هُنا (واللاَّتي يأتينَ الفاحشةَ من نسائكم) ما وجه الارتباط بين هذه الآيات؟

د. الخضيري: هذه السُّورة سورة النِّساء، تحدَّثت في أوَّل السُّورة عن النِّساء وحقوقهنّ، وعن حفظ مال اليتيمات وعن عدم الزَّواج بهنّ لمن يخشى أن يَظلمهُنّ، ثمّ عَن المواريث التي كان من أعظم أسباب نزول آياتها إعطاء النِّساء حقوقهنّ ثمَّ جاءت هنا لتتحدَّث عن جانب آخر مُتصِّل بالنِّساء وهو أن يأتين بالفاحشة هذا من زاوية وهي زاوية عامَّة وكبيرة.

الثَّانية: في آخر آيةِ المواريث قال (تِلك حدودُ الله)، فذَكر أنَّه أشار في أوّل السُّورة أو في آيات المواريث إلى حدود حدَّها الله سبحانه وتعالى وشَرَعها لِعباده فلا يَجوز تَعدِّيها، وهذا كثيرٌ في القرآن الكريم يعني منها على سبيل المثال ممّا مرَّ بنا في هذه السُّورة لمّا ذَكرَ (وإن خِفتم ألا تُقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طابَ لكُم من النِّساء مثنى وثُلاث ورُباع)، هُنا انتهى إخراج الإنسان من إشكالية أنّه يخشى الجَور إذا تزَّوج باليَتيمة وخَشي ألا يُنصِف معها. ثمّ قال الله عزّ وجل انظر وهذا من التَّخلُّص (فإن خفتم ألا تعدِلوا فواحدةً أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألاَّ تعولوا).

ثُمَّ قال وهذا من التَّخلُّص (وآتوا النِّساء صَدُقاتِهنّ نِحلة) لمَّا ذَكَرَ الزَّواج بالنِّساء وما يتصِّل به ذَكَر مُهُورهنّ وهذه طريقة مُطَّرِدَة في القرآن وهو التَّرابط والخُروج من موضوع إلى موضوع بسلاسة، وجَمَال، وعدم حُصول فجوات.

د. الشِّهري: مع أنَّ الذِّي لا يُدرِك بلاغة القرآن يرى أنَّ هناك انتقالات غريبة، وأنا أذكر أنِّي قرأتُ لبعض المستشرقين أنَّه كان يتكلّم عن القرآن الكريم فيقول إنَّه كلامٌ غير مُترابط لأنّه لا يفهم البلاغة، وإنَّه في حاجةٍ إلى تشكيل لجنة متميِّزة في اللُّغة لإعادة ترتيبه.

د. الخضيري: مسكين، والله هذا كمن يبصُق على الشَّمس.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير