تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. الشِّهري: والله هذا هو، فهو يعني مُنتهي هذا المُستشرق تماماً. فإذاً هو بعد أن تحدَّثَ عن حقوق التَّرِكة الآن انتقل بعدها إلى واجب إصلاح النِّساء عندما قال: (واللاَّتي يأتين الفاحشة من نسائكم)، أُذّكِّركُم يا مشايخ بما ذكرناه في أوَّل لِقاء من لِقاءات سورة النِّساء، وهو لماذا سُمِّيت سورة النِّساء بهذا الاسم فكُنَّا ذكرنا قول الدكتور إبراهيم خليفة عندما قال: إنَّه ينتشر في سورة النِّساء مَعنيَان لَصِيقان بالنِّساء وهُما جانبُ الإنصاف وجانبُ الإِصلاح، يعني الآن عندما نُطَبَّق حدِّ الزِّنا على المرأة التي وقعت في هذه الفاحشة فهو من بَابِ استصلاحها وإعادتها إلى المجتمع المسلم وهي طَاهِرة نقيِّة، ولذلك النَّبي صلى الله عليه وسلم عندما سَبَّ بعضُ الصَّحابة امرأة وَقَعت في فاحشة الزِّنا وجاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلّم فأقام عليها الحدّ وطَهَّرها، فَلَعَنها بعضُ الصَّحابة عندما وقع شيءٌ من دَمِها على ثوبه وهم يرجمونها فقال عليه الصَّلاة والسَّلام: لقد تابت توبة لو وُزِّعَت على أهل المدينة لَوِسعتهم. ممّا يُشير إلى أنَّ هذا الجانب وهو جانب الاستصلاح، يعني سبحان الله العَظيم فعلاً هذه فكرة جميلة جدّاً وهو أنَّ إقامة الحُدود على من وقع في شيء من هذه الحدود سواء كانت سرقة أو كانت زناً أو قذف، فإنَّه من أجل استصلاح أنَّه في الخاتمة وفي المال هو استصلاح له وتهذيبٌ له، وهو من أجل إصلاح المجتمع نفسه حتى لا يَبقى فيه مثل هذه النُتُوءات والسَّلبيات.

د. الخِضيري: وهذا ذَكَّرني بِقصَّة مرَّت بي لمَّا طَبَّقت إِحدى وِلايات نيجيريا الحُدود بعد أن كان لا يُطَّبق فيها الحدود منذُ زمن بعيد، منذ زمن فُودِي وغيرهم، فالمُهم أنّ هذا الرّجل طُبِّق عليه حَدّ السَّرقة وهو كما يُقال حَرامي محترف، قديم والنّاس يخافونه ويهابُونه، فَلمَّا حُكِّمت الشَّريعة في تلك الولاية، واسمها ولاية "زَانفرا" أُخِذَ هذا الرَّجُل فَقُطِعت يده، فجاءت مُنَظَّمَات حقوق الإنسان إلى هذا الرَّجل تريد منه أن يَرفع دعوى قضائية ضد هذه الولاية التي طبّقت الشَّريعة من أجل أنَّها تتكئ على دعواه في الانتصار لإبطال الشَّريعة. فالرّجل قال: والله ما فرحت بشيء في دُنيايّ مثل ما فرحت بأن يدي قُطعت لأنِّي شَعُرت أنَّ الذَّنب الذِّي كُنت أقترفه قد طهّرني الله عزّ وجل منه، انظر كيف يشعر بأنّه صلاحٌ له، يقولون وصَلُح هذا الرَّجل يعني ترك ما كان عليه من الفَسَاد بسبب تطبيق هذا الحد، وارتدع بِصَلاحه فئامٌ كثير، فصارت هذه الولاية من آمن الوِلايات، حتى إنَّك كُنت في السَّابق لا تأمن على الجوال في جيبك، الآن تضع الجوّال يمكن في الشَّارع ما يمَسَّه أحد من الأمن! يا أخي من يُحصِّل مثل هذا؟!

د. الشِّهري: وهذا من برَكة تطبيق الحُدود، لأنَّ أحياناً بعض أفراد المجتمع المسلم لا يُدرِك هذه الأبعاد لِتطبيق الحدود وينظر إليها نظرة سطحية وسَاذِجة، وينظر إلى مثل الجَلد، أو قطع الأيدي، أو الرَّجم على أنَّه وحشية وقسوة، ولذلك تجد أنّ في الحدود التي ذكرها الله فقال (تلك حُدود الله) ولاحظوا حتى أنَّه لمَّا أضافها إليه فهي إضافة فيها إشعار بالعدل والحِكمة والرأفة والرَّحمة حتى أنّه قال في سورة النُّور تذكرون في حدِّ الزَّاني عندما قال (ولا تأخذُكُم بهما رأفَةٌ في دين الله إن كنتم تؤمنون باللَّه واليومِ الآخر). ممّا يُشِير إلى أنّ الحُدود مع أنّهاَ قد ينظر إليها من ينظُر إليها على أنّها حدود قاسية، أنّها من الرأفة ومن الرَّحمة بالمجتمع.

د. الطيّار: وهذا نظر إلى المآلات.

د. الشِّهري: بالضَّبط.

د. الخِضيري: الآية طبعاً يقول الله عزّ وجل فيها (واللاَّتي يأتِينَ الفاحشةَ من نسائكم فاستشهدوا عَلِيهنّ أربعة منكم فإن شَهِدوا فأمسكوهُنَّ في البيوت حتى يتوفَّاهُنَّ الموت أو يجعل اللهُ لهُنَّ سبيلاً). قال فاستشهدوا:أيّ اطلبوا شهداء عليهنّ أربعةً مِنكم يعني من المؤمنين، فإن شَهِدوا أيّ هؤلاء الأربعة وصَرَّحوا بالشَّهادة وتأَكّد وقوع ذلك الأمر، فإنَّ حَدَّهُنَّ كما ورد في هذه الآية (أمسِكوهُنَّ في البُيوت) يعني احبسوهن عندكم في بيوتكم، (حتى يتوفَّاهُنَّ الموت) يعني حتى يموتوا، أو (يجعل الله لَهُنّ سبيلاً) يعني يأتيَ بِحُكمٍ آخر غير

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير