تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

هذا الحُكم الذِّي أنزله في هذه الآية.

فالآية اشتملت على أمرين: أَمسِكوهُنَّ في البُيوت حتى يتوفّاهُنّ الموت أو يأتِيَ سبيلٌ من عِند الله عزَّ وجل يكون لهنّ وهو مخرجٌ من هذا الحُكم الذي فيه حبسهُنَّ حتى يَمُتنَ، فالحاصل أنَّ الحدَّ الآخر الذي استقلّ عليه الأمر قد طُبِّق أمّا هذا الحد فلا نعرف عنه

د. الطَيَّار: لا أذكر أنَّ أحداً ذَكَر مثالاً تطبيقيّاً له أنّه وَقع وطُبِّق.

د. الشِّهري: طبعاً كُنَّا قد تحدَّثنا في حديث سابق عن وقت نزول سورة النِّساء وأنّها كانت في السَنَّة السَّادسة تقريبا من الهجرة، والحديث الآن في هذه الآيات في سورة النِّساء يقول أنّ التي تأتي الفاحشة فإنّه يجب أن يُستَشهد على وُقوعها بأربعة شهداء، فإذا شهدوا فإنَّ العقاب أن تكون تُحبس في البيت أو يجعل الله لهُنَّ سبيلاً، ثمّ جاءت الآيات التي تنسخ هذه الآية.

د. الخِضيري: النَّسخ طبعاً يُطلق على النَّقل، ويُطلق على معنىً آخر وهو الإزالة، النَّاسخ مثلاً تقول نسَخ فلانٌ الكِتاب أي بمعنى نَقله، ويأتي النَّسخ بمعنى الإزالة نسخ الشيء أي أزاله، وهذا هو المعنى المُراد في القرآن والسُنّة. (ما ننسخ من آيةٍ أو نُنسِها) يُقصد به الإزالة والرَّفع، والمقصود به طبعًا في عُرف الشَّارع رَفعُ حُكم خِطابِ بخطابٍ آخر، يعني أن تنزل آية مثل هذه الآيات ثم ينزل بعدها ما يَرفع حُكمها، أو يأتي من الله عزَّ وجل رفعٌ لها بالكُليِّة إمَّا حُكماً وإمَّا تلاوةً.

د. الشِّهري: يعني مثلاً عندنا في الآيات هنا الحُكم الذي قَرّره الله هنا هو أنَّ المرأة إذا وقعت في الزِّنا وتمَّ الاستشهاد عليها أربعة شهود شَهِدُوا أنّها وقعت في الزِّنا تُحبَس في البيت حتى يتوفَّاهُا الله أو يجعل الله لهُا سبيلاً، لكنّه غير مُحدِّد هذا السَّبيل، يعني أنت الآن لو أردت أن تُطَّبق هذه الآية ماذا تُطَّبق؟ ستُطبِّق طبعاً أنّك تحبسها في البيت، ما تُطبِّق أنَّك تجعل لها سبيلاً، فَبَقي هذا الحكم حتى نزلَ حُكمٌ آخر في سُورَة النُّور في قوله سبحانه وتعالى (سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا ءاياتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (1) الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2)).

إذاً انتقل لم يَعُد الآن سجن حتى الموت وإنَّما فيه جَلد مائة جلدة، أليس هذا هو الحكم النّاسخ؟

د. الخِضيري: يمكن أن يكون هذا ناسخاً في جزء منه، ولكن جاء في حديث عُبادة بن الصَّامت الذي في الصَّحيح وهو: خُذوا عنِّي، خُذوا عنِّي قد جعل الله لهنّ سبيلاً- وهو تفسيرٌ للآية- البِّكر بالبِّكر جلدُ مائة وتغريب عام، والثِّيب بالثِّيب جلد مائة والرَّجم". فَذُكِرَ فيه أيضاً الجَلد والرَّجم، والجلد طبعاً مُطابق للآية لأنَّ الآية ذُكِر فيها الجَلد فقط. (الزّانية والزّانية فاجلدوا كلَّ واحِدٍ منهما مائة جلدة) ولم يُذكَر فيها الرَّجم.

د. الشِّهري: هل يا تُرى حديث عُبادة بن الصّامت كانت قبل آية النُّور يا تُرى أم بعدها؟

د. الخضيري: الذي يظهر أنَّه بعدها لماذا؟، لأنَّه ذّكَر الجَلد في حقِّ البِّكر وفي حقَّ الثَّيب، ثمّ ذَكَر العُلماء أنَّ الجَلد قد رُفع أيضاً عن الثَّيب ولم يَبقى في حقِّه إلا الرَّجم لأنَّ الرَّجم يستوعب

د. الطيَّار: إذا قلنا إنَّ قوله سبحانه وتعالى (أو يجعل الله لهُنَّ سبيلاً) فلا يكون من بَاب النَّسخ، فالسَّبيل بيَّنه في سورة النُّور وبيّنته الأحاديث وذكره أبو عبدالله قبل قليل، هنا ينتفي النَّسخ.

د. الشِّهري: لماذا ينتفي يا شيخ، لأنّه رُفع الآن الحبس؟

د. الخضيري: لا، هو يقول لك أصلاً الآية لمّا نزلت فتحت بابًا آخر، فما يقول أنّها نُسخت، هي أصلا كانت هيّأت لباب جديد.

د. الشِّهري: لكن حُكمها ذَهَب!

د. الخضيري: لا لم يذهب. جعل الله لهنّ سبيلا. يعني مَا قَال حُكمهُنَّ أن يُحبَسن حتى يَمُتنَ وانتهى فقال: أو يجعلَ الله لهنَّ سبيلا. هذا ما حكم الآية أيضاً، لكن ما بيَّن هذا السَّبيل، يذكر العلماء هذه الآية ليست من باب النَّسخ.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير