تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. الطيّار: نعم آخر الآية، لو قال (أعتدنا عذاباً أليماً لهم) لاختل آخر الكلام في السَّمع، فمُراعاة آخر الكلام في السَّمع مقصد من مقاصد البليغ، ودائماً نقول للطُّلاب إذا جاء مثل هذه المسألة فأوَّل السُؤال الذِّي يجب أن يَرِد: هل رعاية الفاصلة وانضباط آواخر الكلام مقصد من مقاصد البليغ أو لا؟ طبعاً الجواب: بلى، إذاً ما دام مقصد من مقاصد البليغ، هذا المقصد هل يُؤثِّر عنده على المعاني أو لا؟ إن أثّر عنده على المعاني فدلَّ على قصوره في البلاغة، وإن لم يُؤَّثر عنده على المعاني فدلّ على بلاغته، وهذا ما هو موجود في الُقرآن، فإذاً لا يُشكل علينا ان نقول إنَّ رعاية الفاصلة مقصودة بذاتها.

د. الشِّهري: أحسنت، لأنَّ البعض الحقيقة يتحرَّج ترى من هذا، عندما يُقال الله سبحانه وتعالى ذكر هذا مراعاة لِنَظم الكلام أو للفاصلة، هم يُسَمُّون الفاصلة في القرآن ولم يقولوا القَافية كما يقولون في الشِّعر، الشِّعر يقولون هذا للقافية مراعاة للقافية، فمراعاة الفاصلة في القرآن الكريم ليست غريبة ولا مُستغربة على سَنن العرب في كلامها، فالعرب تعرف هذا في كلامها والله يقول: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2) يوسف) ففيه ما في اللُّغة العربية التي يعرِفها النّاس من أوجه الكَلام والبيان، وبعض النَّاس أنا لاحظتهم ممن يتحدَّث في بلاغة القرآن الكريم يتحرَّج من مثل هذا الكلام، ويقول لا ينبغي لنا أن نقول إنَّ سِر تقديم مثل (آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى (70) طه)، أو (رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (48) الشعراء) في آية أخرى أنّه من أجل مراعاة الفاصلة، قال إنّ هذا لا يليق أن نقول ذلك في حقِّ الله سبحانه وتعالى، وإنما المعنى هو السبب الذي جعل هذا التَّقديم هنا وهذا التأخير هنا مثلاً نحن نقول المعنى إذا استوى فإنّ مراعاة الفاصلة أولى في مثل هذا الموطن.

د. الخضيري: مَر بنا في آية المواريث حقيقةً (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ) ما نبَّهنا على أنَّ الأزواج هنا بمعنى الزّوجات، وأنّ في لغة القرآن الفصيحة استعمال الزَّوج للذّكر والأنثى، يعني للرّجل والمرأة، لكن علماء المواريث رحمهم الله إذا تكلّموا يقولون زوجة، من أجل أن لا يحصل لبس.

د. الشِّهري: وإلاّ الرَّجل يُقالُ له زوج، والمرأة يُقال لها زوجة.

د. الطيَّار: وأيضا من قضية حُسن الانتقال لاحظ لمّا قال (أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) هذا مقام تهديد، جاء بعده قضية فيها نهي، فناسب مقام التَّهديد مقام النّهي، قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا) ثم قال (وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ) إلى آخره، هذا الآن مقام النَّهي ومقام النّهي يُناسبه التَّهديد، فسبحان الله انظر كيف يكون الانتقال من مقام إلى مقام بحيث تتناسق الآيات بعضها مع بعض، فلعلَّنا نقف عند هذه الآية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا).

د. الشِّهري: طبعاً الآن ما زال الحديث متصِّل عن إعطاء النِّساء حقوقهِنَّ، يعني مرَّ معنا الآن تقسيم الترّكات، ومرَّ معنا إصلاح المرأة عندما تقع في الذّنب وفي الزَّلة في قوله (وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ) وإلى آخره، والدّعوة إلى التَّوبة دعوة الرِّجال ودعوة النِّساء جميعا إلى التَّوبة وإلى الرُّجوع إلى الله سبحانه وتعالى هذا باب استصلاح وباب إصلاحٌ للمجتمع وإلى المرأة، ثمّ يأتي الآن إنصاف وإعطاء حقّ الله سبحانه وتعالى يذكُر أنّ النِّساء يُعضَلن كثيراً من الأولياء في قوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا)، لأنَّهم كانوا في الجاهلية يعتبرون زوجة الأب جُزء من الترَّكة، يَرِثُها الأكبر من الأبناء أو الأعجل، كما يقول بعضهم كان الذي يسبق إلى زوجة أبيه فإنّها تكون سهماً له، فقد يكون الأكبر من الأبناء، وقد يكون الأقوى وقد يكون الأسبق.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير