تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. الشِّهري: فهذا هو المقصود بالمحصنات من النِّساء. ولاحظوا كيف وصف الله سبحانه وتعالى المرأة المتزوجة بأنّها مُحصنة، وهذا فيه تصوير رائع جِدّاً للزّواج بأنَّه حِصن للمرأة وللرَّجل أيضاً، وهذا يُشعر الزّوج والزّوجة بأنّهم يعيشون في هذا المعنى وهو الحِصن الحصين من الشَّهوات، وأنّه ينبغي عليهم أيضاً أن يُحافظوا على هذا الحصن.

د. الخضيري: الحقيقة أنت أشرت إلى معنى أنا ما سبق مرّ بي، رائع جِدّاً في قضية أنّ هذه الأسرة التي تفتتح هذا البيت بالزّواج وتتحصَّن به، أنَّ هذا الزَّواج عصمة وحِصن وينبغي لهم أن يُحافظوا عليه، العَجيب الآن تَتعَالى صيحات في العالم الغربي على أنَّ الزّواج قُيود وآصار، خُصوصاً إذا أُضِيف إليه مذهبهم في الطَّلاق في أنَّهم يُحرِّمون الطَّلاق طبعاً، وهم مُضطَّرون إليه لكن لا يَعرفون كيف يتجاوزون أحكام الكنيسة، فيقولون زواج نصراني، أو كَنَسي، دائم أبدي لا يُمكن أن يتعرّض لطلاق حتى ولو كان الزّوجان أنكد ما يكونون، وهذه دعوى والعِياذ بالله إلى الخروج من هذا الحِصن الفِطري والعقلي والاجتماعي. بالله عليك كيف تُبنى الأُسَر؟!، كيف تنشأ المجتمعات؟!، كيف تُرَّبى الأجيال؟! كيف يتعاون النّاس على توريث هذه العلوم والآداب والأخلاق للأجيال الأخرى إلاّ عبر هذا الحِصن؟! لاحِظ، وأنَّه متى ما هدَّ النَّاس هذا الحِصن فإنَّ حياتهم في جحيم.

د. الشِّهري: وهذا حقيقة لعلمك، حتى الآن الحياة الزَّوجية للزَّوج العاقِل يستشعر فعلاً أنَّ زوجته وما يُكوِّنه من الحياة الزّوجية بينه وبين زوجته هي فعلاً حِصن، تحميه من الوقوع في الحرام، ومن النَّظر الحرام يضع شهوته في غير موضعها، تأنس إليه ويأنسُ إليها في خِضم هذه الحياة المليئة.

د. الخضيري: ليسكُنَ إليها.

د. الشِّهري: نعم، هذا معنى رائع جِدّاً جِدّاً من المعاني التي عبَّر الله بها سبحانه وتعالى عن الزَّواج في القرآن الكريم، أنّه حِصن وسمّى المرأة بأنَّها مُحصنة، وقال (والذّين يَرمون المحصنات) يعني كيف أنت تتجرأ على أن ترميها وهي في هذا الحِصن الحصين الذِّي جعلها مُحصَّنة ممنوعة من أن يُتطاول على عِرضها؟! فاختيار كلمة الحِصن عبارة رائعة جِدّاً ومُعبِّرة.

د. الخِضيري: أبا عبدالملك إذا قُلنا: المُحصنة، والإحصان وأحصن في القرآن تَرِد على معاني هل تذكُر شيئاً منها؟

د. الطيَّار: أنا سبحان الله، كنت أفكر في هذا أنّ المحصنات أو الإحصان ورد من أكثر من وجه، فالإحصان هنا بمعنى النِّكاح الزّواج، ويأتي الإحصان بمعنى المتزّوجات، ويأتي الإحصان بمعنى العِفَّة.

د. الخضيري: كما في قوله (والذّين يرمون المحصنات الغافلات) ليس المقصود به المتزوجات وإنَّما المقصود به العفائف.

د. الشِّهري: و إن كان يدخل فيه المتزوِّجات.

د. الطيّار: هو أعم، وإن كانت المتزوجة تدخل في الإحصان هذا، ولكن ليس كل محصنة تكون متزوجة بالمعنى الثاني هذا.

د. الخضيري: ويأتي الإحصان بمعنى الحُرَّة كما في قوله تعالى (ومن لم يستطع منكم طولاً أن ينكح المحصنات المؤمنات فمِّمَا ملكت أيمانكم) فالمحصنات المؤمنات هُنّ الحرائر.

د. الطيَّار: وهذا يدل عليه السِّياق.

د. الخضيري: هذا يدل عليه السِّياق، هذا ما يُسمّى العلم؟

د. الطيّار: هذا يُسمّى علم الوجوه والنَّظائر.

د. الخضيري: الوجوه كيف؟ والنَّظائر كيف؟

د. الطيَّار: الوجوه الآن مثلاً عندما أقول: المحصنات في القرآن على ثلاثة أوجه: المحصنة: الزَّوجة، المحصنة: العفيفة، المحصنة: الحُرّة. ويقابلها النّظائر لمّا أقول: (والمحصنات من النِّساء) هذه بمعنى الزَّوجة ما نظيرها من الآيات الأُخر التي وردت فيها المحصنة بمعنى الزّوجة، فإذا وردت آية أخرى بمعنى الزّوجة فتكون هذه الآية نظير هذه الآية.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير