تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. الشهري: ومن جهة أخرى، عندما تكون أنت مُرَبيّ أو تتولى أمر النَّاس فينبغي أيضاً ان تُرَاعي ما راعَاهُ الشَّارع في وضع الذُّنوب والمعاصي في موضعها، فما سمَّاه الله سبحانه وتعالى كبيرة ونصَّ عليه النّبي صلى الله عليه وسلم ليس كما لم ينُص عليه، فأنت مثلاً عندما يرتكب المسلم كبيرة من الكبائر المُجمع عليها على سبيل المثال شهادة الزُّور، وقتل النّفس، والشِّرك بالله سبحانه وتعالى. وغيره لا تجعل هذه المعصية مثل المعاصي التي لم يَرِد فيها مثل هذا الوعيد، ولم يضَعَها الشّارع في مثل هذا الموضع.

د. الخضيري: يعني تُرَتِّب الأشياء ترتيباً صحيحاً، من حيث الإنكار.

د. الشِّهري: بالضَّبط، هذا ما أقصِدُهُ. لأنَّ بعض النَّاس أحياناً يرى بعض الذُّنوب اليَسيرة على بَعض المسلمين فيهجُرُهُ ويُبَالِغ في ذَمِّه ويُبالِغ في هجره، حتى يُصَّوِر هذا الذَّنب أنّهُ كبيرة من الكبائر. في حِينَ أنّ الإسلام عندما جعل هذه كبيرة و هذه من اللَّمم يجب أن يكون تعاملنا معها على هذا الأساس، يعني رجل مسلم يحافظ على الصَّلوات الخمس، ثمّ يشرب الدُّخَان على سبيل المثال، ولكنَّه من أهل الصَّف الأوّل محافظ على الصَّلاة، فبعضنا قد يُضَّخم هذه المعصية التي يرتكبها هذا الرَّجل حتى وكأنها شِرك بالله، أليس هذا من عدم التّوازن؟!.

د. الخضيري: هذا صحيح.

د. الشِّهري: هذا هو ما أردتُ أن أُنَبِّه إليه

د. الخضيري: هناك قاعدة في هذا الباب الحقيقة أُوَد أن أُذَّكر بها، وهو أنّه لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الإصرار. فالإنسان الذّي يقع في الكبائر ثمّ يُبادر إلى التَّوبة والاستغفار فإنّ الله سبحانه وتعالى يمحُو ذلك الذَّنب عنه ولا يُصبح في حقّه كبيرة، وكذلك الصَّغيرة إذا تهاون فيها الإنسان واستمرأَها ورأى أنّه لا يعمل شيئاً فيها فإنَّ هذه الصَّغيرة تنقلب إلى كبيرة بسبب تهاونه وإصراره عليها. أيضاً نحن نقول من يعمل الصَّغائر إنتبه وأنت تعمل الصَّغائر كُن خائفاً وعَاهِد نفسك واحرص على أن تُقلِع وأن تجتهد في البُعد عنها وأن لا تقع فيها مرَّة أخرى وإن كنت تعود إليها كل يوم. ومع ذلك لا تيأس فهذا باب من أبواب المجاهدة والصَّبر، وطريق من طُرُق الوصول إلى رحمة الله سبحانه وتعالى التَامَّة. لأنَّ الإنسان إذا أكثَرَ العَودَ والتّوبة أعْلَمَ الله أنّه ليس له أحدٌ يتوب عليه ويستغفره إلاّ الله فيتوب الله عليه، وهذا سبق أن تحدثنا عنه.

د. الشِّهري: وهذه الآية فيها دلالة على هذا يا دكتور مساعد في قوله (كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ) فيه إشارة إلى أنّنا نُنهى عن أشياء صغائرَ أيضاً، وأنّه ينبغي علينا أن نجتنبها أيضاً، لكن من رحمة الله سبحانه وتعالى بنا أنّه خصَّص هُنا الكبائر قال (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّر عنكم سيئاتكم) وهذا فتح لباب الأمل الحقيقة والتَّوبة بشكل كبير.

د. الخضيري: لا شك، كلمة (نُكَفّر) معنى التكفير ما هو؟

د. الطيّار: عن مادّة كَفَرَ، بمعنى غطّى وسَتَر، ومنه سُمِّيَ الكَافِرُ كافراً لأنّه غطَّى الفِطرةَ.

د. الخضيري: (نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا (31) جاء المُدخل الكَريم بعد تكفير السَّيئات، فالتَّخلية ثم التَّحلية. (نُدخِلكُم) أيضاً جاءت بنون العَظَمَة لِبَيان شرف هذه المنزلة وهذا الجزاء لأنَّه لا يكون إلاّ من عَظِيم وكريم سبحانه وتعالى. وكلمة (مُدخَل) هذه طبعاً يمكن أن تكون مصدراً ميميّاً يعني (نُدخِلكُم إدخالاً كريماً) ويُمكن أن تكون اسم مكان (نُدخِلكم مكانَ دخولٍ كريم) الذّي هو الجنّة، نسأل الله أن يُدخِلنا ومن يسمع وآباءنا وأُمّهاتنا ومشايخنا والمسلمين.

د. الشهري: لو ننقل إلى الآية التي بعدها (وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير