تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

في عهد رسول الله مُنافِقُون، ومع ذلك ما تدري أنت قد لو كنت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لكُنت في عِداد المنافقين.

د. الشِّهري: لا حول ولا قُوَّة إلا بالله.

د. الخِضيري: إحمد الله على ما أنت فيه، واسأل الله من فضله، واعمل في ذلك المحيط الذّي أنت فيه، أبدع في المكان الذّي أنت فيه.

د. الشِّهري: جميل، هناك لفتة أخرى في هذه الآية، تذكُرُون قول الله تعالى (تلك الرُّسل فضَّلنا بعضهم على بعض) من هو الذِّي فضَّل؟

د. الطيَّار: الله.

د. الشِّهري: الله سبحانه وتعالى، هُنَا يَقُول (ولا تَتَمَنَّوا ما فضَّلَ الله)، أيضاً هذا التَّفضيل الذِّي بين البَشر، فيما بيننا الآن هو من الله سبحانه وتعالى، فأنتَ يعني عندما يقع في نفسك هذا أنتَ تتسَّخَط على الله سبحانه وتعالى، أنّه لماذا رَفَع هذا علينا؟! وهكذا. هذا ذكَّرني بأبيات من الشِّعر في هذا المعنى يقول:

أَلاّ قُل لمن بَاتَ لي حَاسِداً أَتَدرِي عَلى من أسَأت الأَدَب.

أسأتَ على اللّه سُبحَانه لأنَّك لم تَرضَى لي ما وَهَب.

فَعَاقَبَكَ اللهُ أن زَادني وسَدَّ عليكَ وجُوهَ الطَّلب.

فِعلاً الإنسان عندما تَتشوَّف نفسه – كما تفضَّلت- تمنِّي زوال النِّعمة عن الآخرين، ولَيتنا كَانت لنا وكذا، يا ليتَ لنا مثل ما أوتِي قارون، فَهِيَ في الحقيقة تسَّخُط على قضاء الله وقدره، باختصار.

د. الخضيري: شيء آخر، أيضاً هي أن تتوقّع أنّه ما في سبيل للمجد إلاّ بالطّريقة التي وَصَل إليها فلان أو وصل منها فلان؟ هذا غير صحيح.

د. الشِّهري: هناك ألف طريقة

د. الخِضيري: بل مَلايين الطُّرُق، بل كُل إنسان يمكن يَصِل إلى المجد، وإلى رحمة الله، وإلى الفِردَوس الأعلى، وإلى مغفرة الله عزّ َوجل، وإلى تحقيق مَطَالبه ومُراداته في الدُّنيا وفي الآخرة من أبواب كثيرة فتحها الله لعباده. يا أخي هذا الرَّجل البغي من بني إسرائيل الذِّي سقى كلباً فغفر الله له وصل إلى المغفرة من طريق سُقيَا كلب، والذِّي وَجَد غُصنَ شوكٍ فأَخَّرَهُ فَغَفَر الله له تصَّوَر كيف أنّه استطاع، أُوَيس القَرَني ما أدركَ رسول الله صلى الله عليه وسلّم ولا صَحِبَه وكان يُمكِنهُ الصُّحبة لَكِنَّه انشغل بأُمِّه بِرّاً بها، فَاتته الصُّحبة من أجل أُمِّه، وحَقَّقَ بذلك مجَداً عظيماً حتى إنَّ النَّبي صلى اللّه عليه وسلّم مَن لَقِيَهُ منكم فَليسأله أن يستغفر له، لأنّه مُجاب الدَّعوة. وحتى عُمُر لمَّا كان يَتَحَيَّن أن يرى أويس القَرني فلمَّا جاء كان يسأل أمداد اليمن أفيكُم أويس؟ فسأل، فوجده فيهم ثمّ ذهب إليه وطلب منه أن يستغفر له، تصوَّر أويس كان بإمكانه أنّه يُضَّحي بما حوله من فُرَص الخِير والثَّواب لِيذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم ويُحقّق هذا المعنى العظيم ولا يلومه أحد. هُنا يأتي الفَرّج (واسألوا الله من فضله) كلما رأيت خير لإِنسان إسأل الله أن يُبارك له، وأن يرزقك الله من فضله. طبعاً إذا سألت الله من فضله تَرى ما يلزم أنّك تسأل نفس هذه النِّعمة بل اسأل أكثر، وَدعِ الأمرَ لله أنت قد تسأل شيئًا ثُمَّ لا تُوَفَّق أولا يكون هو الخَير لك أو لا تكون مناسبة لك في حال من حالاتك أو في زمن من أزمانك ما تدري يعني، فأنت احرص على أن تَكِل الأمر إلى الله جل وعلا، ترى الله عزَّ وجل إذا أوكلت الأمر إليه أعطاك ما يُناسبك، ويَصلُح لك، ويُصلِحُك، ويُوصِلُك للمَنَازِل العُليا.

د. الشِّهري: واختياره لك، خير من اختيارك لِنَفسِك.

د. الطيّار: ولذا نقول من القواعد التي يجب أن يُعنى بها المسلم قاعدة: المفاضلة بين الأعمال، إذا ازدحمت الأعمال أيُّها أفضل بالنسبة لك؟ وهذه هي الأولويات

د. الخضيري: كَتَب فيها الأخ سليمان النَّجران كتاب المفاضلة بين العبادات، وهو كتاب رائع جِدّاً جِدّاً وهو لون من الفقه يُغفِله كثيرٌ من النّاس، أو لا يفقهونه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير