تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. الطيّار: بل إنّ بعض الزُّهّاد من أجهل النَّاس في هذا الباب، لأنَّهُم يعبدون الله على ما يُحِبُّون وليس على ما يُحبّ الله، يعني يبحث في العبادة التي تُناسبه ويقف عندها وإذا زاحمها أيّ شيء آخر ظنَّ أنَّ المُزاحِم هو أقلّ ولا يَدري لأنَّه ليس عنده فقه في العمل. ولهذا نقول نحنُ مِنَ القَضايا المُهِمَّة جِدّاً هُوَ العِلم بالأُجُور. يعني ما هُو أجرُ هذه؟ وما هو أجرُ هذه؟ حينما تأتي بعض المزاحمات تستطيع أن تُحسِن الاختيار، هذا طبعاً في المُزاحمة بين الأعمال الفاضلة، مع الأسف أحياناً تأتي أشياء أقل من هذا وتجد أنّ الإنسان يُضِّيع كثيرًا من الأعمال الفاضلة من أجل أعمال أقلّ منها بكثير من المُباحات.

د. الخضيري: في قوله يا إخواني (واسألوا الله من فضله) الحقيقة فِيها إرشاد إلى منزلة الدُّعاء، وأنّ الإنسان ينبغي له أن يَتَّخِذَ الدُّعاء سِلاحاً، وَدِرعاً وَمرَكباً في كل الأحوال لا تَدَع الدُّعاء، والله لو ينقطع شِسع نَعلِك اُدعُ الله، ترى الله قريب منك ولا يُعجِزُه سُبحانه وتعالى شيء. يعني كَم مِن إنسانٍ يَشتكي لك يقول لك: يا أخي أنا من سنوات وأنا أشكو من هذه الخَصلة، أو من هذه الطَّبيعة، أو من هذا المرض. فتسأله هذا السُّؤال؟ دَعَوتَ الله؟ فينظُر كِذا، ويقول واللهِ، ما دعوته. لماذا؟! هل لأنّك يائس من رحمة الله؟! أوّ لأنَّك ترى أنَّ الله سُبحانه وتعالى ما يقدر على أن يُغِّير هذا الأمر؟! خُصوصاً في الأمور التي تَكون تَرَسَّخت، وثَبَتت مثل الطّبائع والأخلاق، والسَّجايا؟. فنقُول ليس هُناك شيءٌ مستحيل على الله سبحانه وتعالى أو يُعجِزُ الله، إسأل الله من فضله.

د. الطيّار: هذا غفلة ترى.

د. الخضيري: يا أخي، هذه الأيّام يا أبا عبدالله أَقرأ إمرأة ثمانِينِيَّة تَدخُل إختبار جمعية تحفيظ القرآن الكريم، عمرها ثلاث وثمانين سنة دخلت إختبار الجمعية، فأنا أسأل أخي وهو مُشرف على الدُّور النِّسائية في منطقة الرِّياض، أقوله: هذه المرأة الوحيدة التي حفظت القرآن الكريم في الثَّمانين؟. قال لا عِندنا كثير، لكن هذه الوحيدة التي دخلت الاختبار في حفظ القرآن الكريم كاملاً. أنا متأكِّد أنَّ هذه المرأة سألت الله عَزَّ وجل بِصدق وإِصرار أنَّ الله عزَّ وجل يرزُقها حفظ القرآن، وقد تكون مَسألة هذه عُمرها يمكن خمسين، سِتِّين، سبعين المهم أنَّها بَقِيت عشر سنوات فحفظت القرآن وعمرها ثلاث وثمانين سنة.

د. الشِّهري: والله إنَّها عِبرة!.

د. الخضيري: والله عِبرة، طبعاً. ماذا تقول يا أبا عبدالملك الرَّجل قد يكون أقدر في هذا السِّن على أن يحفظ من المرأة، لأنّ المرأة تكون أُنهِكَت بالحمل والولادة والإرضاع ومعروف هذا، هَذا كُلُّه يأخُذ من عُمرها ومن قوَّتها وصِّحتها ونَشَاطِها. بل لو كانت في صِحتها وشبابها قال الله عزَّ وجل (واستشهدوا شهيدين من رِجالكم فإن لم يَكونا رجلين فرجُلٌ وامرأتان ممّن تَرضَونَ من الشُّهداء أن تَضِّلَ إحداهُما فَتُذَّكِرَ إحداهُما الأخرى) ومع ذلك مع الإِصرار والعزيمة حَفِظَت. هل هذه المرأة تقرأ؟ لا تقرأ، هذا كُلُّه حِفظ بالسَّماع!.

د. الطيّار: ما شاء الله.

د. الخضيري: تصَّوَر! أنا أعرف خمَس في أَحَد أحيَاء الرِّياض، حَفِظنَ القرآن وكُلُّهُنَّ مِن القواعد من النِّساء.

د. الشِّهري: حتى في النَّماص هنا ترى. والله عِندنا أمثلة كثيرة من هذا النُّوع.

د. الخضيري: الآن تجد بعض النَّاس بلغ الأربعين، أوالخَمسين، تقول: إحفظ القرآن؟ يقول خلاص، فات زمن الحِفظ!

د. الشِّهري: بعد ما شَاب ودُّوه الكُتَّاب.

د. الخضيري: نعم، نقول له: إسأل الله من فضله. اسأل الله من فضله، ترى فضل الله واسع ولا يُمكن أن يُحَد.

د. الطيّار: صحيح، طبعاً باب الدُّعاء نُقَصِّر فيه كثيراً، تصَّور لو كان بالفعل الدُّعاء هِجِيراه في كُلِّ شيء، تركَب السيّارة، تذهب المَحَلّ، يعني تَدعُو الله سبحانه وتعالى أن يُيَسِّر أمرك، أن تجد ما تحتاج في أيِّ شيء. والله إنّها نعمة كبيرة جِدّاً جِدّاً، ويشرح الصَّدر، لأنَّ سبحان الله الآن الدُّعاء إذا أنت تأمَّلته تجد أنّك في النِّهاية أنت المستفيد، إن أجاب الله لك فَهُو خَير، وإن صَرَفَ به سوءاً فهو خَير، وإن ادَّخره لك في الآخرة فهُو أكثر خيرًا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير