تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. الخضيري: ثُمّ هو عنوان التّوحيد، لأنّك تعرف عند ذلك أنّك عبد وأنَّ الله ربّ، فَأنت مُتَوَّكِل وأَنت عَارف بأنّك ضعيف ومُحتاج إلى الله في كُلِّ شيء.

د. الطيّار: بو عبدالله تذكُر الدُّكتور محمد الفوزان، عن إذنك شيخ عبدالرَّحمن، مرَّة ذَكَر لنا قِصَّة ما أدري إذا كُنت حضرتها، يقول إنَّه لمَّا تَخَرَّجوا من الشَّريعة، كَانوا يَتخَوَّفون من القَضاء، يقول فكان كُلّ واحد مِنَّا يَبحث عن من يَستطيع أن يَتَوَسَّط به لكي يُخرِج اسمه من القَضاء، يقول إلاَّ شخص كان معنا قال والله أنا ما أعرف إلا ربّ العالمين، يقول: هذه الكلمة أنا توكّلت على الله، يقول وذَهَب إلى دِياره وكان في الجَنُوب مكان بعيد جِدًّا، يقول سبحان الله فطلعت أسماؤهم كُلُّهُم في القضاء وهو نجا!

د. الشِّهري: وهذا الذّي يَتَمَيَّز به المؤمن عن غير المؤمن، نحن الآن عندما نتحَدَّث عن القرآن وآياته، وتَدَّبُرِه. هو في الحقيقة حتى يعلم المؤمن أنّه يمتلك شيئًا، ويأوي إلى ركن شديد ويتعلّم كتابًا عظيمًا ويتدَّبر في كلام حكيم، وليست المسألة مسألة –كَما تَفضَّلت-الرُّجوع إلى عَادات البَشر وأُمور البشر، نحنُ نتحَدَّث عن كتاب الله سبحانه وتعالى، فالله يقول (واسألوا الله من فضله). ذكَّرني هذا قضيّة الدُّعاء، بأبيات للشَّافعي رحمه الله، عِندما كَانَ يُشِير إلى أهميِّة الدُّعاء فكأنَّ أحدهم قد تَسَّخَط على هذا الموضوع، وقال: أَنا أدعو من زَّمان، ما فيه فائدة. وبعض النَّاس يقول هذا ترى، عندما تقول له اُدعُ؟ قال يا أخي أنا تعبت من الدُّعاء

د. الطيّار: عجيب، قلنا لك يا ابن الحلال الدُّعاء كُلُّه خير.

د. الشِّهري: فقال:

أتَهزَأُ بِالدُّعَاء وَتَزدَرِيه وَلم تَعلَم بِما صَنَع الدُّعَاءُ

سِهامُ اللَّيل لا تُخطِي ولكن لها أجَلٌ وللأَجَل انقضاءُ.

فالدُّعاءُ يعني لا يخيب-كما تَفضَّلت- إمّا أن يُستجّاب لك عاجِلاً، إمّا أن يُرَد عنك من الشَّر بمثله، وإمّا أن يُدَّخَر لك في الآخرة فأنت الرابح!

د. الطيّار: بعض النَّاس يقول كيف يُرَد عنِّي الشر بمثله؟ نقول تأمّل نفسك، وحَيَاتك أَلم يَمُر بك مواقف ثَواني لو أنت أقدمت لَذَهبت؟! فمباشرة تقول لعلّها بسبب دعوة دَعوتُها فجعلها الله سبحانه وتعالى هنا، فبدلاً من أن يُعطِيَكَ هذا الذّي دَعوتَهُ ردَّ عنك هذا الشَّر.

د. الخضيري: في قوله (إنّ الله كان بِكلُّ شيءٍ عليماً) نحن نقول الحقيقة يعني ليست بمثابة القاعدة المُضطَّرِدة ولكن كثيرا ما تَرِد التَّذكير بعلم الله في مقام التّهديد، يعني انتَبِهُوا لا تتَمنُّوا لأنَّ التَّمني بالمناسبة عمل قلبي لاحظّ لذلك قال (إنّ الله كان بكِلُّ شيءٍ عليماً) فإيّاكُم أن تُخالِفُوهُ فيها.

د. الشِّهري: أذكر فائدة قديمة، ما أدري هل هي صحيحة أو لا؟، طبعاً هُم يُعَرِّفون التَّمَنِّي فيقولون التَّمنِّي هو تعلُّق القلب بمستحيل الوقوع، تعلق القلب بما لا يمكن حُصوله، والرّجاء هُو تَعلُّق القلب بما يُمكن حُصوله ولو كان صعباً. ولذلك عندما تقول: نتمنى لكم سَفَراً سعيداً! كان يقول أستاذ درَّسنا لُغَة عَرَبيِّة- الله يذكُرَه بالخير- أنت إذا قلت أتمنى لك التَّوفيق. كأنَّك تدعُو عليه، وتقول يعني أنّ الله لا يُوَفقك!، لأنّ هذا تعلُّق النَّفس بشيء مُستحيل الوُقوع، لكن لو تقول أرجو لكَ التَّوفيق

د. الطيّار: لكن ما يُقال هذا!

د. الشِّهري: أنا أقول هذا فقط، وإلاّ أنا لم أتَتَبع هذه المسألة.

د. الطيّار: تحتاج إلى مراجعة لأنّهُ كَثُر في كلام النَّاس.

د. الشِّهري: فهُنا عندما يقول (ولا تَتَمنُّوا ما فضَّل الله به بعضكم على بعض) كأنَّ فيه إشارة إلى هذا المعنى، وهو أنّ التمنِّي تعلُّق القلب بشيء مستحيل الوقوع، وهو أنّك تتمنى ما فضّل الله به بعضكم على بعض.

د. الخضيري: الظّاهر والله أعلم، معنى الآية أنّ التَّمني أوسع من هذا، وإن كان يَرِد في لغة العرب -كما ذكرت- مثل قول الشّاعر:

ألا ليت الشَّباب يعودُ يوماً فأُخبِرُه بما فعل المَشيب.

فـ (ليت) هنا للتَّمني لشيء لا يُمكن حصوله وهو رُجُوع الشَّباب، لكنّ هذا ليس هو المُضطَّرِد- يعني الذِّي لا يأتي غيره- بل يأتي على الشَّيء الذِّي يَعسُر الحصول عليه ويَصعُب نَوالُه.

د. الطيّار: قلنا في قوله (إنّ الله كان بكُلِّ شيءٍ عليماً) طبعاً الذي أريد ان نقف عليه في هذا المقطع لما قال (إنَّ). (إنّ) إذا جاءت في فاصلة الآية-يعني في آخر الآية- تحتمل أحياناً الاستئناف، وتحتمل في كثير من الأحيان التعليل مثل (واسألوا الله من فضله) لأنّ الله كان بكل شيءٍ عليمًا، كأنّه ربط السُّؤال بالعلم.

د. الشِّهري: هل يا تُرى الذّين كَتَبُوا التَّفسير المُيَّسر هذا راعُوا علامات الوَقف التِّي اعتمدتُها اللَّجنة في مُصحَف المدينة؟ هل راعُوها فعلاً؟ يعني أنا عندي الآن (واسألوا الله من فضله إنّ الله كان بِكُلِّ شيءٍ عليماً) هذا يدُلّ على أنّهم اختاروا أنّها استئنافية، لأنَّهُم كَتَبُوا (قِلَى). في التَّفسير قالوا (إنّ الله كانَ بِكُلِّ شيء عليماً) وهُو أعلم بما يصلُح عباده فيما قَسَمَهُ لهم من خير، واسألوا الله الكريم الوَّهاب أن يُعطِكُم من فضله بدلاً من التَّمني (إنّ الله كان بكل شيءٍ عليما) أَعَادوا نفس الفكرة، هل تتوقّع أنّهم غيَّروا التَّفسير بما يَتَناسب مع تَغيير الاجتهاد في علامة الوقف.؟!

د. الطيّار: واضحة، ولكن لعلّنا طبعاً هذه الفائدة، نبتدئ بها في اللِّقاء القادم لأنّ وقت الحلقة الآن زَاحَمنا، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يُبارِك لنا ولكم وللإخوة الذّين يُشاركوننا في التَّصوير والإخراج، ولكلّ من يستمع إلينا، سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلاّ أنت نستغفركَ ونتوب إليك.

بُثّت الحلقة بتاريخ 15 رمضان 1431 هـ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير