د. محمد: في قوله "فعظوهن" كما أسلف الدكتور مساعد يعني يأتي بالكلام الذي يرقق قلبها ويعيدها إلى جادة الصواب, مثال ذلك التذكير بالجنة بالنار بالأحاديث الدالّة على وجوب طاعتها لزوجها وإذعانها وقبولها لأمر الله عز وجل, ويذكّرها بنعمة الله عليها, أُنظري إلى فلانة وفلانة وفلانة قاعدات في بيوتهن بلا أزواج يتمنين أن يكنّ ذوات أسر وعندهن بيوت وأولاد فاحمدي الله على ما أنت فيه من نعمة وإياك أن تكوني مثل فلانة التي كانت في بيت وزوج فعصت وتمردت على زوجها فآل أمرها إلى ما آلت إليه. فالمقصود أن وسائل الوعظ كثيرة جدًا ولذلك أنا أقول قد يكون الزوج لا يحسن هذا فلا يلزمه أن يقوم بهذا الأمر بنفسه لأنه لا يحسنه, بل يأتي بكتب أو أشرطة والحمد لله كثرت هذه الأشرطة أو يسمعها برنامجًا معيناً أو يرسل لها رسالة نصية بالجوال, يطلب من إمام المسجد مثلًا أن يكتب له خمسة أو ستة أسطر يعظ به زوجته أو يكِل هذا الأمر إلى رجل من أهل العلم يكلمها عبر العاتف أو يأتي لزيارتهم, ولو كان الوعظ بشكل غير مباشر لكان أجدى, لأن الوعظ المباشر قد يحمل الإنسان أحيانًا على العناد خصوصًا إذا خفّت التقوى. يقول لي أحدهم أنه إذا أراد أن يعظ امرأته جعل أحد أصدقائه يتصل عليه بالجوال وهو في السيارة مع امرأته, فكأنه يحكي له ما فعلت به زوجته, وهذا يرشده إلى الحل فيقول له المفروض أن تفعل كذا واتق الله في هذا الأمر فيتحدث مع صاحبه على أنهم يحلون مشكلة ذلك الرجل, ويقول: إياك أعني واسمعي يا جارة!. فيقول: جربت هذا في عدد من المواطن مع امرأتي فوجدته ناجحًا, وبعد الانتهاء من المكالمة أجد أن امرأتي قد سمعت الكلام بتفاضيله من دون أن أجرحها بكلمة أو أن أتجشم عناء فتح الموضوع معها.
د. مساعد: كشفتم الأسرار للنساء, فالنساء سيعلمن أنهن المقصودات في أي نصيحة.
د. محمد: أبدًا، لا يضر ذلك.
د. عبد الرحمن: بالعكس، هذا من استخدام الحيلة في موضعها, أولًا هو فيه مراعاة لمشاعر الزوجة, لأن الحقيقة الوعظ المباشر أحيانًا يكون قاسي, وبعض الأزواج لا يوفق في نصح زوجته, ولا في نصح غيرها, فمن المفترض أن يستخدم مثل هذه الأساليب غير المباشرة, ويستفيد من خبرات الآخرين, ويستعين بالأشرطة, والاستعانة بالأصدقاء, هذه الحقيقة طريقة مفيدة في الوعظ, لأن البعض يفهم من الوعظ هنا (فعظوهن) أي الوعظ المباشر, فيقول لها الحديث في صحيح البخاري: " إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح", ويجلس يهددها بهذا الحديث، هذا أسلوب غير مقبول!.
د. محمد: أو إذا أراد أن يذكرها بالنعمة يقول لها: لو كنت في بيت أهلك لكنت في فقر شديد وانظري إلى أختك وأنا الذي رفعت من شأنكم، ولولا الله ثم أنا لما كان شأنك وأهلك هكذا, يهيّج المرأة ويمنّ عليها بما أعطاها وبما حصل لها منه, فهذا لا يليق.
د. عبد الرحمن: هذا ليس وعظًا إنما هي شتيمة وتعيير!.
د. محمد: ولذلك نقول لئلا يعود الوعظ بنقيض قصده ينبغي أن يكون الإنسان ذا حكمة في استخدام هذا الأسلوب الرباني, فإن كنت تعرف فالحمد لله, وإن كنت لا تعرف ولا تُحسِن فأعط الأمر لمن يحسنه.
د. عبد الرحمن: قبل أن ننتقل عن الموعظة في نفس السورة، الله سبحانه وتعالى ذكر فوائد الاستجابة للموعظة, حتى تعرف الزوجة فائدة الاستجابة لأمر الله سبحانه وتعالى, لأنك أحيانًا عندما ينصحك شخص ثم تستجيب لنصيحته يُفسر ذلك بشكل أو بآخر على أنه ضعف في شخصيتك, واستجابة لإملاءات الآخرين وهذا غير صحيح, الله سبحانه وتعالى يقول: "فعظوهن", استجابة المرأة للموعظة التي أمر الله سبحانه وتعالى بها فيها خمس فوائد ذكرها الله سبحانه وتعالى في السورة نفسها (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66) وَإِذاً لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّا أَجْراً عَظِيمًا (67) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا (68)) , فماذا تريد أكثر من ذلك؟
د. محمد: (وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69))
¥