تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. محمد: كأنه يفرِّغ شحنات الحقد, والسؤال هنا: هل هذا واجب على الزوج أم أن المقصود به تخييره؟ أنا أظن والله أعلم أن هذا مباح للزوج أن يفعله فإن تركه فالأمر له, بمعنى أنه يقال له عظها, فإن انتفعت وإلا فاهجرها في المضجع, فإن ضربتها فذلك من حقك, وإن لم تضربها وصبرت على نشوزها فهذا من كمال خلقك, ولذلك النبي صلى اله عليه وسلم لما ذكر الذين يضربون أهليهم قال:" ليسوا بخياركم" , والنبي صلى الله عليه وسلم لم يرفع يده على جارية ولا امرأة من كمال خلقه عليه الصلاة والسلام.

د. عبد الرحمن: هناك مسألة دائما نقرأها في هذا الموضوع, بأن الضرب يكون بطرف الرداء أو الثوب, أو تضرب بعود آراك, وأنا في تصوري أنها ما دامت أنها استعصت على الوعظ والهجر فلن ينفعها هذا النوع من الضرب الخفيف!.

د. مساعد: المراد أن فيه نوعًا من الإهانة.

د. عبد الرحمن: في نفس الوقت يحرم الضرب العنيف كشق الجلد وكسر العظم, لكن أعتقد أن التوسط في هذا هو المطلوب, بأن تمسّ المرأة بضرب خفيف لكن يكون ضربًا موجعًا حتى يؤدبها وحتى تستقيم.

د. مساعد: لا, ضربًا غير موجع.

د. محمد: التأديب بالضرب يكاد يطبق التربويون الذين يتسنمون ذروة هذا العلم وتدريسه على أن الضرب أمر لا يليق بالبشر, نقول: هذا مخالف لشرع الله, ولا يجوز أن ننساق وراء مثل هذه الدعوة, لأن الذي خلقنا أعلم بنا

د. مساعد: أحسنت.

د. محمد: وإذا كان هذه الآية فيها إشكال في فهمها فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: "مروا أبناءكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر", الضرب بحد ذاته نحن عندنا له صفة شرعية, والعلماء مطبقون على هذه الصفة لا يختلفون فيها, وهو أن يكون ضربًا غير مبرِّح, لا يراد به تفريغ شحنات الحقد, ولا يراد به الإيجاع وإنما يراد به التعبير عن عدم الرضا بما يفعله ذلك الشخص من ترك للصلاة إذا كان طفلاً أو هذا المرأة من نشوزها عن زوجها, وإذا كان الله قد حكم بذلك فلا يجوز أن نتكلم في حكم الله, ولو لم تستسغه عقولنا, ولو لم يرضه غيرهم أو أعداؤنا, ولو خشوا بأن يكون ذلك عيبًا عليهم, نقول اتقوا الله, إن كنتم تستحون من هؤلاء, ألا تستحيون من الله عزّ وجل أن تردوا عليه أمره, ألا تستحيون من النبي محمد صلى الله عليه وسلم أن تقولوا الضرب لا يليق بالبشر, لا، يليق لكن الضرب المشروع.

د. عبد الرحمن: وأيضًا كون أن الله جعله آخر الخيارات فيه دلالات, الدلالة الأولى أن المرأة التي تضطر زوجها للوصول إلى هذه المرحلة لا تنفع فيها الموعظة ولا ينفع فيها الهجر, فالحقيقة أنها تستحق أن ينتقل بها إلى هذه المرحلة, لأن الغالب على المرأة أنها حساسة تؤثر فيها الكلمة والموعظة, والهجر أيضًا يؤثر فيها, فإن كانت المرأة لم تتأثر بالموعظة ولم تتأثر بالهجر فيبدو أنها تستحق المرحلة الثالثة تحتاج إلى التأديب, والهدف في النهاية هو استصلاحها لزوجها. ونحن قد قلنا في بداية السورة أن السبب في تسميتها سورة النساء قضية الإنصاف والاستصلاح للمرأة. ومن إصلاحها هذا التقويم.

د. محمد: لاحظ أبا عبد الله أن الطبيب عندما يريد العلاج إذا رأى في طرفه إصبع المريض مثلًا سرطان أو نحوه فإنه أو ما يبدأ العلاج بالأدوية, فإن استجاب الجسد وبدأ المرض يذهب وإذا لم يستجب تجده اضطر للقطع, ولا يمكن لأحد أن يقول للطبيب بأنه طبيب قاسي القلب أو إنسان ما عنده قلب! لا، لأن هذا مرض ولابد للطبيب أن يتصرف وهذا التصرف مع شدته كوته صعبا على النفوس, إلا أنه في النهاية لابد منه لقطع دابر الفساد.

د عبد الرحمن: جميل, أيضًا لاحظوا يا إخوان أن المقصود من هذه المراحل كلها إصلاح الزوجة والمحافظة على الأسرة, وإلا فإن أسهل حلّ للزوج إذا لم تعجبه زوجته طلقها, هذا أسهل حل, ولكن هذا أشد ما يكون على الزوجة, والإسلام عندما جعل الزواج حصنًا حصينًا ولتكوين الأسرة لا يريد أن يهدمه لمجرد الاختلاف في وجهات النظر, كما يحصل الآن حيث تنتهي الحياة الزوجية ويختلفون لأسباب تافهة, فلم يبق للحياة الزوجية تلك المكانة وتلك المتانة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير