تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. الخضيري: وهذا من عظيم رحمة الله تعالى بعباده أن يذّكر بحق هذين، وإلا لو شاء سبحانه وتعالى لقال لا حقّ إلا لي ولا يُعبد أحد سواي وانتهى الموضوع عند هذا الحد، أليس هذا من حق الله سبحانه وتعالى؟

د. مساعد: بلى.

د. الخضيري: لكن الله أرحم بنا من أنفسنا فيذكّرنا بحقوق من لهم حقٌ علينا لأنهم شاركوا في إيجادنا وكانوا سبباً في وصولنا إلى هذه الدنيا، وهذا لا شك أنه من عظيم رحمة الله بنا.

د. عبد الرحمن: هذا الحقيقة من كمال ربوبية الله سبحانه وتعالى لأنه من معنى الربوبية التربية، تربية الخلق على كمالات الأخلاق وعلى كمالات السلوك والاعتقادات، فعندما ذكر لك كمال الاعتقاد وهو توحيد الله سبحانه وتعالى وعدم الشرك به ناسب أن يذكر كمال الأخلاق.

د. الخضيري: وهو رد الجميل إلى من أحسن إليك.

د. عبد الرحمن: نعم، ثم بدأ بأولى الناس بالبر وهو الوالدان، ولذلك عندما جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ فقال: أمك، قال: ثم من؟ ثم كررها قال: أمك حتى قال: ثم أبوك.

فأولى الناس ببرّك وبإحسانك وبعطفك وبشفقتك هما والداك، ولذلك يخطئ أشد الخطأ من يقدِّم غيرهما عليهما لأي سبب من الأسباب. فإنه ينبغي أن يكون الوالد والوالدة هما رقم واحد في حياة الرجل وفي حياة المرأة براً وإحساناً وإكراماً وسؤالاً وصلةً. ولاحظ أنه قال (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) والإحسان هذه كلمة جميلة جداً يعني تذهب النفس في تفسيرها كل مذهب، وكل ما يدخل تحت هذا الوصف من خُلُق فهم أولى الناس به، أولى الناس بابتسامتك هو والداك، أولى الناس بكلمة المعروف منك هم والداك، أولى الناس بالمال الذي في يدك هم والداك، أولى الناس بصلتك، حتى لو تعارضت مصلحتهما مع مصلحتك أنت تقدم مصلحتهما.

د. الخضيري: انظر إلى يوسف عليه السلام لما جاء أبواه إليه وهو في مصر (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا (100) يوسف) كان في الإمكان أن يضعهم في مجلس جانبي أو يجتمع بهم ويجلس هو على العرش، لكن أراد أن يعبّر عن جميل امتنانه لهما وحسن استقبالهما، رفعهما على العرش، الذي هو في الأصل موضوع للملك أو لعزيز مصر أو لمن يتولى مثلاً وزارة المالية، رفعهما على العرش (وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا).

د. عبد الرحمن: أيضاً من معاني البر بعض الناس يظن أن المقصود ببر الوالدين فقط في الحياة وكثير من الناس لا ينتبه إلا إلى هذا المعنى، بر الوالدين مادام أن الوالد موجود أو الوالدة موجودة الاتصال بالهاتف، مثلاً عطية، يعني شيء من المال، وينتهي الأمر عند هذا الحد، لكن لاحظ واحد من الصحابة انتبه إلى هذه النقطة فقال يا رسول الله هل بقي من بر والديّ شيء أبرهما به بعد موتهما؟ يا سلام! ما أجمل هذا السؤال! يا أخي بعض الأسئلة التي يسألها بعض الناس بركة، يعني المرأة التي ذكرتها قبل حلقة أو حلقتين التي جاءت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقالت يارسول الله الرجال ذهبوا بكل شيء ونحن في البيوت نغسل ونطبخ وكذا، فقال هل سمعتم أجمل من هذا السؤال؟.

فأنا أقول مثل هذا السؤال فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: إكرام صديقهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما وإنفاذ عهدهما والاستغفار لهما، يا سلام! معناه أن البر بالوالدين يستمر حتى تموت أنت أيضاً.

د. الخضيري: ولاحظ مثل ما ذكرت يا د. عبد الرحمن عبّر عن البرّ بالإحسان، والإحسان مثل ما ذكرت أي لا حدود له، تحسن ثم تحسن ثم تحسن ولم يحدّ الله له حداً.

د. مساعد: أطلقه دون قيد.

د. الخضيري: لأجل أن يتبارى الناس في هذا الإحسان، وبالفعل تجد ذوي المروءات والمكارم يتبارون في أن يوصلوا إلى والديهم من الإحسان ما لا يغالب عليه.

د. عبد الرحمن: هو مفعول مطلق (وأحسنوا بالوالدين إحساناً).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير