د. الخضيري: رجعنا مرة أخرى لليتامى الذين جاء الله تعالى بحقهم في أول السورة (وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ (2))، (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا (10)) وهنا يأمر بإكرامهم ويجعل لهم حقاً عظيماً. من هو اليتيم يا د. عبد الرحمن؟
د. عبد الرحمن: اليتيم من الناس هو الذي مات والده قبل أن يبلغ سن البلوغ والرشد، فيقال له يتيم لأنه كأنه انفرد وأنه مات عائله ومات الذي يدافع عنه وأصبح في حاجة إلى من يكرمه ويحسن إليه.
د. الخضيري: والإحسان بالمناسبة مثل ما ذكرت قبل قليل في الذوقيات النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أن من صور الإحسان مسح الرأس يعني يدعو الناس إلى الترحم، رحمتهم ووالإحسان إليهم، هؤلاء اليتامى. ثم قال بعدها (وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ) من هم المساكين يا د. مساعد؟
د. مساعد: طبعاً لا شك أنه وقع خلاف كبير جداً في المساكين، والواضح أنه مأخوذ من المسكنة وهي الذُلّ الذي يحصل له بسبب الفقر وكما قالوا الذي لا يكاد يجد قوت يومه، يعني محتاج.
د. الخضيري: طبعاً وهذا إذا انفرد يشمل الفقير والمسكين؟
د. مساعد: نعم يشمل الفقير والمسكين، لكنه في قوله (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ (60) التوبة) لا بد من معرفة من هو الفقير ومن هو المسكين؟. وهذا الذي يدخل فيه (إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا).
د. الخضيري: (وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى) والجوار لم يحدد في الشرع بحدّ معين، فما تعارف الناس على أنه من الجيران دخل في هذا الباب وهو وجوب الإحسان إليه، وبدأ الله سبحانه وتعالى بمن كان مجتمعاً مع جواره وصف آخر وهو القرابة، الجار الذي يكون من قرابتك يكون له من الحق عليك أكثر من الجار الذي لا تجمعك به قرابة، وكلاهما له حق. والله أعلم سبب ذكر الجار ذي القربى أنه يكثر وخصوصاً في قبائل الأعراب وسكنى العشائر متجاورين فأبناء الأب الواحد تجدهم يأخذون قطعة أو مكانًا من الأرض فيتجاورون فيها فذكّر بحقهم قال (وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى) والنبي صلى الله عليه وسلم بيّن أن جبريل ما زال يوصيه بالجار حتى ظن أنه سيورثه، وقال " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليُكرِم جاره " وقال "والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه" من لا يأمن جاره بوائقه فنفى عنه الإيمان من باب التهديد والتحذير.
د. مساعد: لكن لماذا لا يكون الجار ذي القربى بمعنى القريب في المسكن؟
د. الخضيري: لأنه قال بعدها (وَالْجَارِ الْجُنُبِ) يعني الجار البعيد يعني الذي ليس بينك وبينه قرابة.
د. عبد الرحمن: يعني هو جار ولكنه ليس قريباً.
د. الخضيري: فذاك تبع وصفين.
د. مساعد: إذن الآن قصدي من ذاك لكي ينتبه السامع أن ذوي القربى ذكروا في الآية مرتين مرة بوصف القرابة ومرة بوصف الجيرة، فالإحسان للجار ذي القربى سيكون أكثر من الإحسان إلى ذي القربى البعيد عنك في الجوار.
د. عبد الرحمن: لأن هذا اجتمع فيه وصفان.
د. مساعد: نعم، القرابة والجيرة.
د. الخضيري: (وَالْجَارِ الْجُنُبِ) يعني الجار البعيد عنك، كلمة (الْجُنُبِ) هذه ما يمكن تحمل معنى الجنابة بمعنى الحدث الأكبر؟
د. عبد الرحمن: السياق ليس له أي علاقة بالموضوع.
د. الخضيري: الكلمة وردت بهذا المعنى ((وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ (6) المائدة) ستأتينا في سورة النساء؟
د. عبد الرحمن: لاحظ سبحان الله هذه من الألفاظ التي إن صح التعبير المشترك اللفظي وهو أن لفظة واحدة نفس اللفظة ولكنها تطلق على عدة معاني، الجار الجنب أي الجار غير القريب، أي واحد من عرض الناس، (فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ (11) القصص) أي عن بعد، وأما (وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ) الجنب هو الذي وقعت عليه الجنابة وهي الحدث الأكبر فابتعد بها عن الطهارة وابتعد بها عن المسجد وقراءة القرآن والصلاة، فالسياق يحدد. لغة القرآن هنا (وَالْجَارِ الْجُنُبِ) لا يخطر ولا يصح أن يقال فيها الجار الذي وقعت عليه الجنابة.
د. الخضيري: (وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ) من هو الصاحب بالجنب يا أبا عبد الملك؟
¥