د. مساعد: طبعاً الصاحب بالجنب هو الذي يرافقك في السفر أو في العمل أو انتظار.
د. الخضيري: أو كل من جمعك به مناسبة معينة له حق عليك، أنا أقول حتى في مخبز أو في مستوصف أو في أي مكان أو حتى في المطار فقال لك الذي أمامك عن إذنك لو سمحت القلم، له حق عليك، هذا واحد. اثنين: قال لك سأذهب إلى دروة المياه احفظ حقيبتي، أتقول له لا، معذرة؟ لا، له حق عليك أحسن إليه لأن هذا الإحسان متبادل وفيه منفعة للجميع، أنت قد تحتاج لهذا.
د. عبد الرحمن: تماماً.
د. مساعد: هل يوجد هذا في دساتير الدنيا اليوم؟
د. الخضيري: لا يوجد.
د. مساعد: حتى لاحِظ هذا الطارئ والعارض من هؤلاء الجيرة أُعطُوا حقاً، لأن الجار ذي القربى والجار الجنب ثابت لكن الصاحب بالجنب هذا لا.
د. الخضيري: د. عبد الرحمن أشار إلى العمل وهذا صحيح وكثير لأنه ما منا من أحد إلا وله عمل يعمله سواء في شركة أو مؤسسة أو دائرة حكومية أو غيرها، هذا العمل يجمعك أو يربطك بأناس، هؤلاء لهم حق عليك، مرِض تعوده، مات أحد له تذهب وتعزيه، إحتاج تواسيه، إستعان بك تعينه، إستشارك.
د. عبد الرحمن: الطلاب في مدارسهم أيضاً.
د. الخضيري: هؤلاء كلهم أصحاب بالجنب، المرأة مع زوجها أيضاً داخلة في هذا هي صاحب بالجنب لأنها ليست من القرابة، قال بعضهم أنها داخلة في هذا، ودخولها في هذا لا إشكال فيه.
د. مساعد: وقد خُصصت في آيات خاصة بها.
د. الخضيري: وهي سميت أيضاً صاحب.
د. عبد الرحمن: (وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) عبس) – (وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ (101) الأنعام).
د. الخضيري: (وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ) من هو ابن السبيل د. عبد الرحمن؟
د. عبد الرحمن: المسافر المحتاج، ثم أجمل التعبير القرآني بابن السبيل.
د. الخضيري: هل يلزم أن يكون محتاجًا؟
د. عبد الرحمن: هو طبعاً الأصل أنه لا يطلب الحاجة إلا إذا كان محتاجاً.
د. مساعد: لكنه هنا في رعاية حقه.
د. الخضيري: في رعاية الحق أعمّ من كونه محتاجاً لكن في الزكاة (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ (60) التوبة).
د. مساعد: الإحسان أعمّ من الإنفاق.
د. عبد الرحمن: لاحظ هنا أنهم فسروا ابن السبيل بالمسافر المحتاج، لكن دعنا من هذا دعنا نتحدث عن قضية تسميته بابن السبيل. السبيل هو الطريق لكن كأنه من كثرة ملازمته لهذا الطريق والسفر كأنه ابناً له، فهذا من اللفتات الجميلة في القرآن الكريم أنه سمى المسافر ابن السبيل لذلك تعجبني أبيات جميلة لأحمد شوقي من قصائده الرمزية في ديوانه يتحدث فيها عن الوطن وحب الوطن، كأن الريح تخاطب الحمامتين على شجرة وتحبب لها السفر إلى الوطن، فيقول - كأن الحمامتين تكلمان الريح -:
ياريح أنت ابن السبيل ما عرفت ما السكن هب جنة الدنيا (اليمن) لا شئ يعدل الوطن
فالشاهد أن وصف المسافر المنقطع بابن السبيل فيه بلاغة عالية الحقيقة، فالله سبحانه وتعالى ذكره هنا ممن أُمرنا بالإحسان إليهم المسافر، سواء كان محتاجاً أو غير محتاج، لكن لا شك أن المسافر المحتاج الإحسان في حقه آكد. ثم قال (وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ).
د. الخضيري: ما ملكت أيمانك يشمل طبعاً ملك اليمين من العبيد والإماء هؤلاء يجب على الإنسان أن يحسن إليهم فيطعمهم ويكسوهم ويقوم على حوائجهم ولا يقصّر، وإن كان الله سبحانه وتعالى قد سخرهم لك فيجب عليك أن تؤدي إليهم حقهم، ويدخل فيما ملكت أيمانكم حتى الحيوانات أيضاً، فلا يجوز لك في الحيوانات التي تمتلكها من شياه أو أكرمكم الله حمير أو جِمال أو غيرها أن تسيء إليها وتقلل في نفقتها.
د. عبد الرحمن: فأنت مأمورٌ بالإحسان إليها.
د. الخضيري: نعم، (وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) انتهى.
د. عبد الرحمن: ذكر الله عشرة أصناف أو عشرة حقوق.
د. الخضيري: نعم، ثم (إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا).
د. مساعد: هذه فاصلة عجيبة!
د. الخضيري: ما وجه العجب فيها يا دكتور؟
¥